كتابة: ديفيد نيلد.
ترجمة: سارة عبدالله العصيمي.
أشياءٌ غريبةٌ تحصل في المناطق النائية.
يُرجح أن شظية نيزكٍ تم اكتشافها في أستراليا ربما تكون أقدم من الأرض، حيث كانت على وشك أن تنجرف قبل أن يعثر عليها العلماء. إذ تطلبت عملية الاستعادة شبكةً مكونةً من 32 كاميرةٍ للمراقبة عن بعد، كمّاً هائلاً من الحسابات الجغرافية، طائرات استكشافٍ جويةٍ، طائراتٍ من دون طيار يتم التحكم بها عن بعد، باحثين، والحظ الوفير.
بدأ التحري في 27 من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2015م، عندما قُذفت شظيةٌ من الفضاء إلى سطح الأرض. وشهد المحليون في مناطق وليام كرييك وماري جنوب أستراليا سقوط الشظية وتم التقاط صور لها عبر شبكة صحراء الكرة النارية، وهي عبارة عن سلسلةٍ من الكاميرات الرقمية المتصلة والتي تراقب السماء في المناطق النائية للبحث عن آثار نيازكٍ متجهةٍ نحو الأرض. وبمجرد رؤيتها، يبدأ السباق للعثور عليها.
بعد تحليل الصور، التثليث (استخدام علم المثلثات)، وإجراء حساباتٍ أخرى، بدأ البحث الفعلي حول بحيرة إيري بمنطقة كاتي ثاندا، وهي أسفل نقطةٍ طبيعيةٍ في أستراليا، في 29 من ديسمبر (كانون الأول). تم استخدام طائرةٍ من دون طيارٍ وأخرى خفيفةٍ بطيارٍ لإرشاد أعضاء فريق شبكة صحراء الكرة النارية، فيل بلاند، وروبرت هاوي من جامعة كيرتن، نحو المكان الصحيح للحادثة، بالإضافة الى مساعدة فرق البحث المحلية.
بعد ثلاثة أيامٍ من البحث تم العثور على صخرةٍ تزن 1.7 كلج منغمسةً في بحيرةٍ طينيةٍ شديدة الملوحة، حوالي 42 سنتم (16.5 بوصة) تحت سطح الأرض. ولو تأخر الباحثون بضعة أيامٍ لانجرفت الصخرة بفعل الأمطار الغزيرة.
وفقاً لمكتشفيها، فشظية النيزك عبارةٌ عن قطعةٍ من الكوندريت أو نيزكٍ حجريٍّ والتي قدّروا أن عمرها يزيد عن 4.5 مليار عامٍ، وهي ليست بفترةٍ هينةٍ حين تأخذ بعين الاعتبار أن الأرض كانت موجودةً منذ ذلك الحين تقريباً. يقول بلاند: ” كان مجهوداً جماعياً رائعاً، حيث بالكاد وصلنا إلى هناك”.
لم يكن ذلك مجرد اكتشافٍ جيولوجيٍّ مثيرٍ والذي سيعلمنا في نهاية المطاف عن أصول الكون، بل يعد قفزةً نوعيةً لمؤسسي مشروع شبكة صحراء الكرة النارية. يقول بلاند: “لدى هذا النيزك أهميةً كبيرةً حيث أن كاميرا المراقبة المستخدمة لحساب مواضع السقوط قد سمحت أيضاً بحساب مدار النيزك داخل النظام الشمسي، مما أتاح معلوماتٍ سياقيةٍ للدراسات المستقبلية”. ويضيف: “وهذا يثبت لنا وبدون شكٍ أن الآلة العملاقة التي قمنا بصناعتها تعمل فعلاً”.
يعتقد الباحثون أن الصخرة أتت من مكانٍ ما بين كوكبي المريخ والمشتري، حيث سيبدأ الآن العمل على دراسة الجسم. يقول جوناثان باكسمان زميل بلاند: “حقيقة أننا تمكنا من استرداد النيزك كاملاً يعد أمراً استثنائياً”. ويضيف: “عمل فريقنا على مدار الساعة للحد من البيانات، لتمكين استردادٍ سريعٍ لشيءٍ كنا سنفقده لو وصلنا متأخرين”.
المصدر: (sciencealert)
ديفيد نيلد (DAVID NIELD)
وليام كرييك وماري (William Creek and Marree)
شبكة صحراء الكرة النارية (Desert Fireball Network (DFN))
فيل بلاند (Phil Bland)
روبرت هاوي (Robert Howie)
جامعة كيرتن (Curtin University)
الكوندريت (chondrite)
جوناثان باكسمان (Jonathan Paxman)
بحيرة إيري بمنطقة كاتي ثاندا (Kati Thanda-Lake Eyre area)