تُشير النجوم التي تختفي بدلاً من أن تنفجر إلى بداية تكوّن ثقبٍ أسود.
كتابة: لي بيلينقز
ترجمة: علياء فادان
مراجعة: شروق هاشم
يقوم المحقق الشهير في رواية شيرلوك هولمز الكلاسيكية “ذو الغرة الفضية”، بحل لغز جريمةِ القتل عن طريق ملاحظة أمرٍ لا يحدث، وهو عدم نباح كلب الحراسة في منتصف الليل. ويستخدم الفلكيون حالياً استدلالاً مماثلاً لحل الغموض المحيط بولادة الثقب الأسود، وذلك عن طريق البحث عن النجوم التي فشلت في الانفجار.
تنتهي حياة النجوم التي يكون حجمها أكبر من شمسنا بعدة مراتٍ كمستعرٍ أعظمٍ، وهو انفجارٌ ضخم ناجمٌ عن انهيار مركز النجم الثقيل نحو الداخل، ولأن المستعرات العظمى في أنحاء الكون ساطعةٌ جداً فإننا نستطيع رصدها ودراستها هنا على الأرض. لم يشاهد علماء الفلك الحديث أيّ انفجارٍ لمستعرٍ أعظمٍ في مجرتنا درب التبانة، ولكنهم شهدوا بضع عشراتٍ منها في مجراتٍ قريبةٍ لنجوم معروفةٍ سلفاً، ولكن الغريب في الأمر أن كلّ تلك النجوم لم يكن حجمها أكبر من 17 كتلةٍ شمسيةٍ، على الرغم من كثرة توافر نجومٍ ذات حجمٍ أكبر بكثيرٍ من ذلك، والتي يفترض أن تموت كمستعراتٍ عظمى.
يعتقد العلماء النظريون أن بإمكان الثقوب السوداء تفسير هذه الملاحظة الغريبة، فعندما يبدأ مركز النجم الذي يُصنَّف “كعملاقٍ أحمرَ ضخمٍ” بالانهيار، فإن من الممكن أن يُشكِّل ثقباً أسود يبتلع النجم المتحطم ببساطة، عوضاً عن التحول إلى مستعرٍ أعظمٍ. وعند النظر من بعيد، فإن اختفاء النجم ربما يكون دليلاً على ولادة ثقبٍ أسود جديدٍ. ويقول عالم الفيزياء الفلكية ستان ووسلي من جامعة كاليفورنيا في سانتا كروز والذي صاغ العملية: “ندعوا هؤلاء بالمستعرات العظمى الفاشلة”، ويضيف: “فتارّةً ترى العملاق الأحمر وتارّةً لا تراه”.
اقترح كريس كوتشانيك وزملاؤه من جامعة ولاية أوهايو في عام ٢٠٠٨مـ طريقةً للبحث عن هذه الوفيات المراوغة، إذ يراقب كوتشانيك 30 مجرةٍ مجاورةٍ للبحث عن بقعٍ غريبةٍ مظلمةٍ، حيث اختفت نجومٌ حمراء كبيرةٌ فجأةً، وذلك على خلاف معظم مسوحات المستعرات العظمى والتي تبحث عن انفجاراتٍ متوهجةٍ من الضوء.
وفي العام الفائت، أعلن كوتشانيك وزملاؤه جيل جيركي وكريس ستانيك عن اكتشافهم لنجمٍ عملاقٍ أحمرَ ضخمٍ، ومرشحٌ مقنعٌ لأن يصبح مستعراً أعظم فاشلاً في مجرة إن جي سي ٦٩٤٦ والتي أضاءت لفترةٍ وجيزةٍ ثم اختفت من الوجود، وذلك بالاعتماد على مشاهداتٍ لمرصد المنظار الثنائيّ الكبير بولاية أريزونا
توجد حالياً مشاهدتان محتملتان لولادة ثقبٍ أسود، حيث أعلن كلٌ من توماس رينولدز، مورقان فراسر، وجيرارد قيلمور من جامعة كامبريدج في شهر يوليو (تمّوز) عن رصدهم لعملاقٍ ضخمٍ وهو يتلاشى وسط سواد مجموعةٍ نجميةٍ، وذلك في أرشيفٍ لمشاهدات منظار هابل الفضائيّ لمجرة إن جي سي ٣٠٢١. ولقد نشرت نتائج كلا الفريقين في ورقتي بحثٍ منفصلتين في صحيفة الاشعارات الشهرية للجمعيةِ الفلكية الملكية.
بالتأكيد هناك تفسيراتٌ أخرى أكثر واقعيةٍ لهاتين الظاهرتين، كأن تكون النجمتين متغيّرتين ومتقلّبتين في سطوعهما، أو أنهما قد اختفتا خلف سحابةٍ من الغبار. لذا يخطط فريقا البحث لرصدٍ أكثر تفصيلاً باستخدام المناظير الفضائية، وذلك لتعزيز الحجة للولادة المظلمة للثقوب السوداء.
من بين أفضل المشاهدتين التي يمكنهم رؤيتها، ستكون لا شيء على الاطلاق. يقول كوتشانيك: “يمتلك الموت خاصيةً مميزةً لا تمتلكها مصادر التقلّبات النجمية الأخرى”. ويضيف: “فالموت شيءٌ أبديّ”. يقول فراسر أنه إن ظهرت النجوم مرةً أخرى، “فإن ذلك دلالةٌ على أنها لم تنفجر”، عندها ربما يستمر البحث عن المستعرات العظمى الفاشلة أو يتوقف.
المصدر: (scientificamerican)
لي بيلينقز (Lee Billings)
رواية شيرلوك هولمز (Sherlock Holmes story)
ذو الغرة الفضية (Silver Blaze)
الثقب الأسود (black hole)
مستعرٍ أعظم (supernova)
عملاق أحمر ضخم (red supergiant)
ستان ووسلي (Stan Woosley)
جامعة كاليفورنيا (University of California)
سانتا كروز (Santa Cruz)
كريس كوتشانيك (Chris Kochanek)
جامعة ولاية أوهايو (Ohio State University)
جيل جيركي (Jill Gerke)
كريس ستانيك (Kris Stanek)
مجرة إن جي سي ٦٩٤٦ (the galaxy NGC 6946)
مرصد المنظار الثنائيّ الكبير (the Large Binocular Telescope Observatory)
ولاية أريزونا (Arizona)
توماس رينولدز (Thomas Reynolds)
مورقان فراسر (Morgan Fraser)
جيرارد قيلمور (Gerard Gilmore)
جامعة كامبريدج (University of Cambridge
منظار هابل الفضائيّ (Hubble Space Telescope)
مجرة إن جي سي ٣٠٢١ (galaxy NGC 3021)
صحيفة الاشعارات الشهرية للجمعيةِ الفلكية الملكية (Monthly Notices of the Royal Astronomical Society
- أبرز الأحداث العلمية لعام 2021 - 09/01/2022
- التطبيقات المتنوعة لتقنية الحوسبة السحابية - 14/12/2021
- تعريف الحوسبة السحابية وتأثيرها على عالم الأعمال - 30/08/2021