ترجمة: موسى الشبيب
مراجعة: فارس بوخمسين
كانت سيجارتان متطابقتان هما مفتاح الاكتشاف العلمي في معهد فيرجينيا للتقنية-كاروليون للأبحاث. حيث قام المشاركون في البحث باستنشاق السجائر التي تحتوي على النيكوتين، ومع ذلك أظهروا نشاطاً دماغياً مختلفاً كثيراً. فلماذا كان هذا الفرق؟ السبب هو أن مجموعةَ منهم أُخبروا بأن سجائرهم خالية من النيكوتين.
يقول ريد مونتاجو، رئيس وحدة الحاسوبية لطب النفس في معهد الأبحاث في فيرجينيا للتقنية-كاروليون للأبحاث، وبرفسوراً للفيزياء أيضاً ورئيس هذا البحث: “لقد بدأ فريق بحثنا بإيضاح حقيقة بأن للأفكار والاعتقادات نفس قوة التأثير الذي تمتلكه الأدوية المحفزة على الدماغ.” وقد تم نشر هذه الدراسة في دورية “وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم.”
إن للنيكوتين تأثيراً مدهشاً على الدماغ، وخصوصاً على ممرات التعلم المبني على المكافأة، حيث يقوم النيكوتين بتعليم الدماغ أن التدخين سوف يعود بمردودٍ حسنٍ. ومتى ما تعلم الدماغ هذه التزامن، فإن دائرة الإدمان الكيميائي ستكون صعبة الكسر. وقام الفريق بتتبع ردة فعل الدماغ عن طريق التصوير بواسطة الرنين المغناطيسي الوظيفي في هذه الدراسة.
يقول مونتاجو: “لقد توقعنا أن نرى الإشارات العصبية تبعاً لاعتقاد الشخص نفسه وليس تبعاً لنسبة النيكوتين الفعلية التي أخذها.”
فبعد أن شرب المشاركون السجائر، قاموا بلعب ألعاب التعلم المبني على المكافأة بينما كان فريق العمل يلتقط صوراً لأدمغتهم. حيث استعرض المشاركون جدولاً تاريخياً لأسعار الماشية، ومن ثم قاموا ببعض الاستثمارات وأعادوا الكرة عدة مرات. وقام الباحثون باستخدام نماذج حاسوبية لإشارات التعلم التي يعتقد أنها تولدت من الدماغ خلال أداء هذه المهام. فوجدوا أنها تختلف بين شخصٍ وآخر اعتماداً على اعتقاداته الشخصية حول النيكوتين.
ووجد مونتاجو وفريقه أن الأشخاص الذين اعتقدوا أنهم دخنوا السجائر بالنيكوتين أبدوا خياراتٍ مختلفة وإشاراتٍ عصبية مختلفة تماماً عن الأشخاص الذين يظنون أن سجائرهم خالية من النيكوتين، بغض النظر عن حقيقة أن الجميع قد استخدم السجائر نفسها!
وقد وجد العلماء أيضاً أن الأشخاص الذين دخنوا سجائر النيكوتين أظهروا نشاطاً أكثر في الممرات العصبية للتعليم المبني على المكافأة، بينما لم يكن ذلك واضحاً في القسم الاخر الذين دخنوا السجائر التي يعتقدون أنها خالية من النيكوتين.
ويقول مونتاجو: “إن الاعتقادات بوحدها كانت العامل المؤثر على استجابة الدماغ وممرات التعلم العصبية، وهذا في الواقع أبعد من تأثير بلاسيبو.” وهناك دراساتٌ عدة تدعم مبدأ بلاسيبو، حيث يكون للأدوية الوهمية نتائج حسنة على صحة المريض لمجرد اعتقاده أن هذا الدواء نافعٌ فعلاً. ولكن في هذه الدراسة، وجد الباحثون أن الاعتقاد لوحده قادرٌ على مسح أو تحسين تأثير النيكوتين في مشاركين كانوا تحت تأثير أدوية نشطة.
وقد عرضت هذه الدراسة مديرة المعهد الوطني لإساءة استخدام الأدوية نورا فالكو في وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم. وكتبت فالكو في تعليقها: “إن هذا الاكتشاف يوضح العلاقة بين عمليات التعليم بواسطة الدوبامين (التعليم المبني على المكافأة) وتجربة تأثير التسمم بالأدوية على كيفية عمل أدمغتنا وتحكمه بتصرفاتنا” واقترحت فالكو سابقاً إمكانية التلاعب بطرق الاعتقادات والردود المُتعلمة في الإنسان كوسيلة جديدة لعلاج الإدمان.
ويعلق مونتاجو بقوله: ” لا شيء أكثر اقتناعاً من كيفية تغيير الدواء لمشاعرك، حيث بمكن للدواء بأن يخلق حالةً من الاعتقاد، والاعتقاد بدوره يؤدي إلى التغيير.” وأضاف أيضاً: “وكما يمكن للدواء أن يؤثر على الاعتقاد، ربما بإمكاننا التأثير على الاعتقاد لكي نحسن تأثيرات السلوك في حالات الادمان”
معهد فيرجينيا للتقنية-كاروليون للأبحاث: Virginia Tech Carilion Research Institute
الأدوية المحفزة: neuroactive drugs
وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم: Proceedings of the National Academy of Sciences
المصدر (sciencedaily)
- أبرز الأحداث العلمية لعام 2021 - 09/01/2022
- التطبيقات المتنوعة لتقنية الحوسبة السحابية - 14/12/2021
- تعريف الحوسبة السحابية وتأثيرها على عالم الأعمال - 30/08/2021