ترجمة: ميسون الصقعوب.
يستخدم المتحدثون الإعلاميون العلميون هذه العبارة كثيراً لإعطاء الناس فكرةٍ عن مدى ضخامة العدد، إذ يصعب إستيعاب الأعداد الكبيرة، ولهذا يستخدم الإعلاميون طول الملاعب الرياضية كنايةً عن المسافة، وطائرة بوينج 747 الممتلئة كنايةً عن الكتلة، وقنبلة هيروشيما كنايةً عن الطاقة.
على الرغم من عدم قدرتنا على إحصاء عدد النجوم في درب التبانة أو عدد الخلايا العصبية في الدماغ البشري، إلا أن مساواة القيمتين يعطي الناس إنطباعا بضخامة العدد. ولقد وجدنا أن مساواة القيم يجعلها أكثر تشويقاً، وخاصةً إذا ما تم ربطها بشيءٍ مهمٍ أو عظيمٍ ( مثل النجوم والأعصاب).
أخبرنا علماء الأعصاب لفترةٍ من الزمن عن وجود 100 بليون خلية عصبية في الدماغ البشري، المثير للإهتمام أنه لا يجود بحثٌ علميٌ منشورٌ وموثقٌ يؤكد هذه المعلومة، ولقد نشر أزيفيدو وزملاءه بحثاً في عام 2009مـ يقدرون فيه عدد الخلايا العصبية، ولكن ما هي إجابتهم؟
حسب الدراسة يوجد حوالي 86 بليون خلية عصبية في الدماغ البشري، وحسب التقدير الأخير لعدد النجوم في مجرة درب التبانة يقع بين 200 – 400 بليون نجمة، فهل تعتبر الرقمين قريبين من بعضهما؟ ولكن كيف تم تقيم عدد الخلايا العصبية؟ لماذا 86 بليون خلية؟ من أين أتى هذا العدد؟
الطريقة الأسهل لتقدير عدد الخلايا العصبية هو عدها في جزء من الدماغ ثم إستنباط عددها في كاملهِ. وهذه الطريقة يمكن استخدامها لتقدير عدد النجوم في درب التبانة أيضا! ولكن هذه الطريقة في العد تعاني من بعض المشاكل:
- كثافة الخلايا العصبية في الدماغ غير متساوية، المخيخ مثلا يحتوي تقريبا على نصف عدد الخلايا العصبية من الجهاز العصبي المركزي، وحجمه أصغر من النصف بكثير
- يصعب عد عدد الخلايا في منطقة معينة من الدماغ حيث أن الخلايا متداخلة مع بعضها البعض وغير واضحة غالبا، فيصعب عدها بشكل فردي. إحدى الطرق لصبغ الخلايا وجعلها واضحة بشكل كافٍ لعدها هي صبغة جولجي، المسمات نسبة لكاميلو جولجي الحائز على جائزة نوبل، هذه الطريقة تقوم بصبغ نسبة صغيرة من الخلايا العصبية وليس جميعها لسبب غير معروف، فعلى الرغم من قدرتك رؤية خلية عصبية واحدة، يوجد المئات من الخلايا في نفس المنطقة ولكن لا تستطيع رؤيتهم لعدم صبغهم. باستخدام صبغة جولجي يمكن تقدير نسبة الخلايا المصبوغة ومن ثم عدها في مكان معين من الدماغ ومنها استنباط عدد الخلايا في الدماغ كاملا، ولكن لوجود متغيرين يتم تقديرهم قد لا تكون هذه الطريقة الأكثر دقة للعد.
للوصول للرقم 86 بليون، قام الباحثون بإبتكار طريقة ذكية ومميزة للعد، حيث قاموا بإزالة الغشاء الخلوي لخلايا داخل الدماغ ومن ثم حصلوا على خليط متجانس يحتوي على نوى الخلايا، ومن ثم تم صبغها بواسمات مختلفة للتفريق بين الخلايا العصبية والدبق العصبي (نوع آخر من الخلايا المتواجد في الدماغ) وبهذه الطريقة تمكنوا من عد الخلايا العصبية فقط ومن ثم قياسها على الدماغ. من أهم مميزات هذه الطريقة يمكن عد الخلايا في مناطق مختلفة من الدماغ ذات كثافة مختلفة من الأعصاب.
وهذه هي أحدث الطرق المقبولة لتقدير عدد الخلايا، وكما لاحظت لايزال الباحثون يستخدمون طرق التقدير والإستنباط للعد. ولكن من الممكن قريبا بمساعدة الناس ومشاريع مثل Human Connectome Project Eyewire game الحصول على أعداد أكثر دقة لا تعتمد بشكل كبير على التقدير.
المصدر (Nature)