ترجمة: ميسون الصقعوب
يختلف الناس في الأثر الذي يُحدثه فايروس الإيبولا عند التعرض له، فبعضهم يقاوم المرض تماماً، وبعضهم يصاب بأعراض خفيفة أو معتدلة ثم يُشفى بالكلية، بينما يستسلم هؤلاء الأكثر عرضة للمرض للفيروس لفشل الأعضاء والنزيف والصدمة. ووضحت الدراسات المبكرة التي أُقيمت على المصابين عدم وجود فارق في فيروس الإيبولا نفسه مما قد يجعله أكثر أو أقل خطورة، وأن الفيروس نفسه لم يؤدي إلى هذا الاختلاف بالأعراض، ولكن محاولة الجسم لمحاربة العدوى قد تكون المحددة لحدة المرض.
ففي عدد شهر أكتوبر الماضي، قامت مجلة ساينس بنشر بحث يصف نماذج فئران مخبرية من سلالاتٍ مختلفة لاختبار دور الجينات في محاربة المرض، لرؤية تأثير الاختلاف الجيني على محاربة الفايروس. وقد قاد الدراسة عالمة الإحياء والفيروسات أنجيلا راسموسين والبروفسورة مشيل كاتزي من مختبرات كاتزي في جامعة واشنطن بقسم الأحياء الدقيقة، وبالتعاون مع المعهد الوطني للصحة في مختبرات جبال الروكي في مونتانا، وجامعة كارولينا الشمالية بشابيل هيل.
وكانت إحدى العقبات التي واجهت الباحثين لدراسة علاج الفايروس أو طرق الوقاية منه، هي قلة نماذج الفئران التي تصاب بالحمى النزفية، وهي إحدى الأعرض الرئيسية له عند البشر. وقد قام الباحثون في الأصل بإحضار السلالات المختلفة جينياً من الفئران المولدة مخبرياً لدراسة مواقع الجينات المسؤولة عن مقاومة فيروس الإنفلونزا.
يجدر بالذكر أن هذا البحث أُقيم في مبنى خاص تحت مراقبة وقوانين حماية مشددة بمستوى سلامة رقم أربعة، بهاميلتون، مونت. وقد فحص الباحثون الفئران المخبرية المصابة بنفس نوع الفايروس المتفشي في غرب أفريقيا هذا العام. وقد أقيمت هذه الدراسة بالتوافق مع القوانين الفيدرالية، وقوانين الولاية، وأنظمة السلام والأمن الحيوي المحلية. وقد استخدم هذا الفايروس سابقاً لأغراض بحثية. ولم يتم التلاعب بهذا الفيروس مخبرياً. ومن المثير للاهتمام، أن فئران المختبر العادية التي أصيبت من قبل بالفيروس ماتت، ولكن بدون الإصابة بالحمى النزفية.
أما في هذه الدراسة، فقدت جميع الفئران بعض الوزن في الأيام الأولى من إصابتهم بالفيروس، ١٩٪ منهم لم يتأثروا بالمرض، وليس هذا فحسب، بل واسترجعوا ما فقدوه من الوزن خلال أسبوعين. ولم يبدوا عليهم أي تأثير مرضي واضح وحتى الكبد بدا طبيعياً. كان لدى ١١٪ من الفئران مناعة جزئية ومات أقل من نصفهم لاحقاً، أما ٧٠٪ من الفئران كان لها معدل وفيات أكثر من النصف. وقد أصيب ١٩٪ من المجموعة الأخيرة بالتهاب الكبد بدون الأعراض الكلاسيكية للإيبولا، وأصيب بسيلان الدم ٣٤٪ من الفئران، حيث يأخذ وقتاً طويلاً للتجلط، وهذا أحد أعراض الحمى النزفية عند البشر. وأصيبت هذه الفئران أيضاً بالنزيف الداخلي وتضخم الطحال وتغير في لون الكبد وقوامه.
وقام الباحثون بالربط بين نتائج المرض واختلاف نسبة الوفيات بالاختلاف الجيني بين سلالات الفئران. وقالت رامسون: “إن مدى تكرار الأعراض المختلفة للمرض بين السلالات المختلفة من الفئران يتناسب مع مدى تكرار الأعراض الإكلينيكية المختلفة عند البشر لفيروس غرب أفريقيا ٢٠١٤.” وقالت كيتز: “بينما نقر بأن المناعة لهذا الفايروس أو أحد الفايروسات المشابهة أدى إلى نجاتهم من الوباء، ولكن نتائج بحثنا أشارت إلى أن العوامل الوراثية قد تلعب دورا هاما في نتائج المرض.”
بشكلٍ عام، عندما أثر الفيروس على الجينات المسببة لالتهابات الأوعية الدموية وموت الخلايا، أدى هذا إلى ظهور مرضٍ قاتل. ومن جهة أخرى لًوحظ زيادة في نشاط الجينات المسؤولة عن إصلاح الأوعية الدموية وإنتاج خلايا الدم البيضاء المحاربة للعدوى عند الناجين من المرض. وقد لُوحظ أيضاَ أن أنواع معينة من خلايا الكبد المتخصصة قد تساعد على حصر تكاثر الفايروس، وأن تؤدي إلى عرقلة التهاب الأجهزة ومشاكل تجلط الدم عند الفئران المقاومة. وقد يفسر ارتفاع كمية الفايروس في دم الفئران والتحكم السيء بالتجلط في الفئران الحساسة للمرض إصابتها بالتهاب واسع للكبد. وأخيراً لاحظ الباحثون أن طحال الفئران الحساسة والمقاومة للفايروس أخذوا طرقاً مغايرة لمحاربة العدوى.
وقالت كيرتز: “نحن نأمل أن تساعد نتائج البحث في ترشيح أدوية أو لقاحات لمقاومة المرض.” حيث أن الباحثون يؤمنون أن نماذج الفئران قد تساعد في إيجاد علامات وراثية، ثم القيام بدراسات دقيقة لمعرفة كيف تبدأ الأعراض بالنشوء، ومن ثم تقييم الأدوية ضد جميع أنواع فايروس الإيبولا ومنها الفيروس المسبب للوباء الأخير في بلدان غرب أفريقيا.
رابط المقال:
- أبرز الأحداث العلمية لعام 2021 - 09/01/2022
- التطبيقات المتنوعة لتقنية الحوسبة السحابية - 14/12/2021
- تعريف الحوسبة السحابية وتأثيرها على عالم الأعمال - 30/08/2021