ترجمة: نايف المالكي
غالباً ما يتحدث الناس عن شعورهم تجاه اصدقائهم بأنهم كالعائلة. حسناً، هنالك ما قد يدعم هذه الفكرة علمياً، فهذا أكثر من كونه مجرد شعور نحو الأصدقاء. حيث وجدت الدراسة أن الناس يظهرون بشكل متشابه جداً جينياً مع أصدقائهم أكثر من الغرباء. حيث يقول جيمس فولر، بروفسور العلوم السياسية والطب الوراثي في جامعة كاليفورنيا، سان دييغو: “الملفت للانتباه هنا هو أن الأصدقاء يتشابهون فيما بينهم بشكل ملحوظ أكثر مما كنا نتوقع”. وقد أجرى هذه الدراسة مع الدكتور نيولاس كرستكيس، عالم اجتماع في جامعة ييل.
في الواقع، وجدت هذه الدراسة المنشورة في يوم الاثنين في مجلة “الأكاديمية الوطنية للعلوم” أن الأصدقاء متشابهون جداً على المستوى الجيني كما لو كانوا أقارب من المستوى الرابع. وقال فولر: “الامر يبدو كما لو أنهم تشاركوا في جد-جد-جد-الجد.” وبشكلٍ عام، بعض أكثر الجينات شيوعاً بين الأصدقاء هي حاسة الشم. يقول فولر: “نحن نميل الى شم الاشياء بنفس الطريقة اتي يستخدمها الأصدقاء.” وقد تضمنت الدراسة قرابة ٢٠٠٠ شخص بالغ.
هذي الدراسة تقترح أن مع تطور البشر، أثرت قدرة تحمل او الانجذاب إلى بعض الروائح على الأماكن التي يبقى الناس فيها. بإمكاننا اليوم أن نطلق على هذا “أثر ستاربوكس”. ويقول فولر: “من الممكن جداً إنك تحب رائحة القهوة، وتنجذب للمكان الذي انجذب اليه اناس آخرون ويحبون رائحة القهوة ايضاً. لذا قد يكون هذا المكان فرصة لتكوين صداقات جديدة. وبالتالي أنتم جميعاً هنا لأنكم تحبون القهوة واصبحتم أصدقاء بناء على حبكم للقهوة.”
وقد وجد العلماء أيضاً فروقاً مثيرة للاهتمام بين الأصدقاء، حيث انهم يميلون لحمل جينات مناعية مختلفة. وايضا تم رصد مثل هذه النتائج بين الالأزواج من قبل باحثين اخرين. وقال فولر: “إن إحدى الاسباب التي جعلتنا نعتقد بصحة هذا السبب هو كون المناعة تعطينا حمايةً اضافية. فإذا كان مناعة أزواجنا قادرة على الدفاع ضد مرضٍ نحن معرضين له، فسوف لن يصابوا به أبداً، وبالتالي لن نصاب به نحن أبداً.” وأضاف: “وهذا يعطينا طبقة حماية أخرى.”
ويقول ماثيو جاكسون، بروفسور اقتصاد في جامعة ستانفورد الذي يدرس الشبكات الاجتماعية: “من الواضح أن البشر يميلون الى الارتباط مع أناسٍ يتشابهون معهم.” وأضاف: “هذا يعطينا دليلاً على أنها لا تعمل فقط على مستوى الصفات الشخصية الواضحة جداً، بل ربما تكون متخفية أكثر، كأشياء لم نكن نتوقعها في الحقيقة.”
ويقول فولر إن ما وجدوه قد يساعد في توضيح أشياء كثيرة، من ضمنها كيفية تتحكم الجينات في تكوين العلاقات بين الناس وكيف يؤثر هذا بدوره على التطور في البشر. ويقول موضحاً: “أعتقد أن أكبر اشارة هي عدم إمكانية أن ندرس التطور كما في ظاهرة روبنسون كروز. فنحن لم نتطور بشكل منعزل-منفصل عن الاخرين. بل تطورنا في مجتمعات. نحن تطورنا مع أصدقائنا.”
وعلى مستوى شخصي أكثر، قد يساعد هذا في توضيح ذلك الشعور الدافئ الذي نكسبه من الأصدقاء. ويقول فلور: “يبدو الأمر كما لو احطنا أنفسنا بعائلة جديدة. وهي العائلة التي اخترناها بدلا من العائلة التي ولدنا معها.”
(National Public Radio) المصدر الأصلي