وطلب من الطيارين إذا تعرضوا لإصابة أو تعطلت طائراتهم في مناطق منعزلة من المحيط الضخم أن يقذفوا بكرة واحدة في الماء حتى تأتيهم النجدة، وإذا لم يأتي أحد لإنقاذهم خلال ٨ ساعات فعليهم أن يقذفوا بالكرة الأخرى وحتماً سيتم إنجادهم. الطريقة هذه هدفها تفادي معرفة العدو الياباني لمواقع الطيارين المصابين والمتعطلين وربما قبض عليهم إذا التقط إشارات الراديو تطلب المساعدة واستخدم الجنود الأمريكان لأغراض استخباراتية. فاضطر الأمريكان لإيجاد طريقة بديلة لا يمكن التقاطها وهذا ما أنتج لنا الطريقة السالفة.
هذه الطريقة العبقرية والغير مسبوقة هي نتاج الإهتمام بالعلم ودعمه وهذا هو من الأشياء الرئيسية التي أدت بأمريكا إلى الانتصار في الحرب العالمية الثانية على اليابان وألمانيا مع الحلفاء فيما بعد (مثال آخر هو احتواء وتجنيد العلماء الألمان والأوروبيين الهاربين من الحرب العالمية الثانية والذين أباحوا سر عزم ألمانيا على اختراع أول قنبلة نووية فأقنعوا الرئيس الأمريكي حينها بضرورة السبق في تطوير قنبلة نووية وإلا فالهلاك هو مصير الحلفاء، فمن يومها بدأ مشروع منهاتن الجبار وتجنيد آلاف العلماء والذي نتج عنه خلال سنوات قصيرة أول قنبلة نووية عرفتها البشرية استخدمت ضد اليابان في هيروشيما وناجازاكي وهو ما حسم الحرب لصالح أمريكا والحلفاء كما تعرفون).
تفسير الطريقة في المقدمة هو ببساطة كالتالي:
الفيزيائي الجيولوجي “موريس إيوينغ” كان يعمل على دراسة المحيطات إبان الحرب العالمية الثانية وخصوصاً تصرف الموجات الصوتية في داخل المحيطات، وأدت به هذه الدراسة إلى اكتشاف “القناة الصوتية” في طبقة أفقية في المحيط على عمق ١٠٠٠ متر تقريباً حيث تكون الموجات الصوتية في أبطئ حالاتها (كما ترون في الرسم البياني) فتنحبس الموجات الصوتية لمسافات طويلة جداً تصل إلى آلاف الكيلومترات (وتستخدمها الحيتان في التخاطب بينها من عرض المحيط إلى أقصاه). الطبقة الصوتية هذه سميت بالسوفار:
SOFAR (Sound Fixing and Ranging channel)
ويعود سبب خاصيتها الفريدة إلى تأثير معاملين: “الضغط” و”الحرارة”. كلما زاد عمق المحيط كلما زاد مقدار الضغط (علاقة خطية)، لكن الحرارة تنخفض كلما نزلنا في الأسفل حتى تثبت على عمق ١٠٠٠ متر فلا تتغير بعدها مهما كان العمق. طبعاً كلما زاد الضغط والحرارة، زادت سرعة الموجات الصوتية. ففي سطح المحيط وفي أول ١٠٠٠ متر تكون الحرارة أعلى من الأعماق فتزيد سرعة الموجات الصوتية، وتحت عمق ١٠٠٠ متر تزيد سرعة الموجات أيضاً بفعل زيادة الضغط.
نعود للأمريكان، وضعت القوات البحرية عدة لواقط للصوت على عمق ١٠٠٠ متر حتى إذا وصلت الكرة المعدنية إلى هذا العمق انكسرت بفعل الضغط (كثافة الكرة اختيرت بدقة حتى تنكسر على هذا العمق) فيصدر منها صوت يلتقط في هاواي ويتم حسب المسافة والإحداثية رياضياً فيتم الإنقاذ.
___________________________________________
اضغط هنا لمشاهدة صورة متحركة تبين حركة موجات الصوت في أعماق البحر وانحباسها عند عمق 1كم
University of California, Berkley
Image Credit: Bdushaw at en.wikipedia
نشكركم ع المعلومات القيمة والمفسرة بالرسوم التوضيحية ، جزاكم الله خيرا .