يقول أحدهم: قد تظنني مجنونا بكلامي..لكن أنا أعتقد بل متاكد أنه لا يمكنني الموت.. بمعنى أنني خالد لا أموت!؟
ويقول آخر: أنا ميت انظر انا جثة هامده ورائحة العفن تنتشر حولي
ويقول ثالث: لا وجود للعالم فهو شي خيالي وجد فقط في أذهان الموتى امثالنا
اذا كنت انت الشخص المخاطب في أحد هذه الحوارات فإعلم انك في الغالب تواجه مريض مصاب بمرض نادر ‘عصبي ونفسي’ معقد جدا يسمى بمتلازمة وهم كوتارد وتسمى ايضا بـ “الجثة المتحركة”، فالمريض يفقد تعاطفه تجاه نفسه عندها يشعر انه غير موجود او انه مجرد صندوق فارغ او مات واصبح جثة متعفنه والدليل انه يشم رائحة العفن وقد يحاول الانتحار ليتماشى ما يعتقده مع الواقع
و في الحالات المتقدمة يظن المريض انه خالد وغير قابل للموت و قد يحاول الانتحار ليثبت ذلك !؟
وقد سميت متلازمة كوتارد بهذا نسبة الى طبيب الأعصاب الفرنسي الاصل ‘جول كوتارد’ والذي يعتبر المكتشف لها حيث كان يعالج مريضة رمز اليها ب”السيدة اكس” كانت تؤمن بان هناك لعنة اصابتها حيث تعتقد بان الكثير من اعضاءها غير موجودة و انها لاتحتاج الى طعام وبانها لن تموت مينة طبيعيه و فيما بعد ماتت هذه السيده من الجوع الشديد
وقد قام كوتارد عندها بتصنيف متلازمة “هذيان الانكار” كما اطلق عليها وذلك في احدى محاضراته في باريس عام 1982 الى خفيفه و حادة: حيث توصف الخفيفة بانكار الذات وكراهيه المريض الشديدة لنفسه التي قد تصل في الحالات المتقدمة الى الانتحار، والحادة بالاكتئاب المزمن الذي يصل به الى كراهيه العالم وانكار وجوده
وفي دراسة جديده قام بها الدكتور ستيفن لوريز على احد مرضاه الذي كان يقضي وقته في القبور لانها اقرب الاماكن للموت لانه في اعتقاده انه شخص ميت ليس بحاجه للكلام او الشرب او الاكل!؟
و قال الدكتور ستيفن بعد عمل اشعه مقطعيه على دماغ مريضه: “عملت في التصوير المقطعي بالاصدار البروزيتروني لمدة 15 عاما على العديد من المرضى لكنني لم ارى شيئا كهذا من قبل “. حيث وجد لوريز أن دماغ المريض المصاب بمتلازمة كوتارد في حالة شبيهة بالتخدير او النوم العميق دائمة حتى في اكثر حالات النشاط الحركي لدى المريض
الأشخاص المصابون بهذه المتلازمة عادةً ما يصبحون منعزلين عن الاخرين ويميلون الى اهمال نظافتهم الشخصية وسلامتهم. مع مرور فترة من الزمن يؤدي هذا الوهم الى استحالة الإحساس بالواقع بالنسبة للمرضى, مما يؤدي الى تكون صورة مشوهة جداً عن العالم
كثيرا ما يتواجد هذا الوهم لدى مرضى الذهان الذين يعانون من الفصام بينما متلازمة وهم كوتار لا تستدعي بالضرورة وجود هلوسات ولكن الأوهام القوية يمكن مقارنتها مع تلك الموجودة لدى مرضى الفصام
وقد قام العلماء بربط متلازمة كوتارد بالاضطرابات الشخصيه كالانفصام واضطراب ثنائي القطب ونتيجة لذلك تعالج بخليط من مضادات الاكتئاب و ادوية الذهان و مثبتات المزاج والصدمات الكهربائيه و قد أوضحت هذه الادوية فعاليتها بشفاء الكثير من المرضى
كتاب “أنا تتحدث عن نفسها” للدكتور عمرو شريف
دراسة تتحدث عن حياة كوتارد وعن المتلازمة المسماة عليه، نشرت في دورية
Neurology
الدراسة التي نشرها الفريق الذي يضم الدكتور ستيفن لوريز ونشر في دورية
Cortex
