هناك علاقة بين الإكتئاب ومستوى تسارع الشيخوخة ، هذا ما تقوله دراسة هولندية جديدة
شملت الدراسة بالإجمال 2400 شخص تراوحت أعمارهم بين 18 و 65 سنة، من بينهم 1900 قد أُصيبوا بنوبة إكتئاب واحدة على الأقل خلال فترة حياتهم ، و 500 أخرون لم يتعرضوا لأي نوبة إكتئاب
إعتمد الباحثون في دراستهم بالأساس على قياس طول الطرفيّات وتُسمى أيضاً “التوليميرات” في حمض الدنا الخاص بالمشتركين، وتبيّن لهم نتيجة القياسات ، أنّ الطرفيّات في حمض الدنا الخاص بالأشخاص الذين عانوا من إكتئاب خلال حياتهم أقصر من تلك الموجودة في حمض الدنا الخاص بالأشخاص الذين لم يصابوا بأي نوبة إكتئاب
ويُذكر أن الطرفيّات تلك تتوضع في طرفي حمض الدنا وتغلفه ، وتحميه خلال عملية الإنقسام الخلوي ، وتعاني الطرفيات من تناقص في طولها إثر كل عمليّة إنقسام خلويّة ، ولذلك يستخدم العلماء طولها كمؤشر على عمر الخلية
وخلص الباحثون بعد دراسة نتائج قياساتهم إلى أنّ معدّل تسارع الشيخوخة يزداد لدى من عانى من إكتئاب ، بمعدلاتٍ أكبر مقارنةً مع سواهم
ويشير الباحثون إلى علاقة بين قسوة الإكتئاب وطول فترته من جهة ، و مدى تآكل الطرفيات من جهة ثانية ،النتيجة السابقة جاءت بعد تثبيت بقية المتغيرات المؤثرة في طول الطرفيات كالتدخين والكحوليات والوزن وغيرها ، وبالتالي فهي موضوعية بما يكفي لأن يؤكد الباحثون صحَّة ما خلصوا إليه
ويقول الباحث فيرهوفين من الجامعة الحرة في امستردام : “الضغوط النفسية التي يعاني منها المكتئب ، تلعب دور رئيسي في تسارع الشيخوخة المبكرة لديه ، وقد يكون ذلك العلّة وراء شكوى المكتئبين عادةً من مشاكلٍ صحيَّةِ غامضة ومتعددة” بحسب قوله
وتُظهر الدراسة أيضاً ،بعد أخد عوامل الصحة ومستوى المعيشة ونمط الحياة بالحسبان ، أن معدالات الإصابة بأمراض الشيخوخة كالأيزهايمر ، تكون أعلى لدى المكتئبين من غيرهم ، في إشارة إلى دور الإكتئاب في تسريع ظهور أعراض الشيخوخة
من جانب تقني ، تُقاس الطرفيات من حيث نسبتهن من العدد الإجمالي لوحدات الدنا ، فوجد أن عددهن لدى الأصحاء 5540 وحدة ، بينما لدى نظرائهم المكتئبين 5460 وحدة ،أي بفارق 80 وحدة ، وفي دراسة سابقة وجد الباحثون أن الطرفيات تنقص بالمتوسط 14 وحدة كل سنة
الباحثون متأكدون من علاقة ما بين الإكتئاب وتسارع الشيخوخة ، ولكن الإكتئاب قد لايكون السبب الوحيد، فقد يكون لعوامل أخرى كالعوامل الوراثية أو ضعف مناعة الجسم مثلاً دور ما أيضاً في تسريع الشيخوخة
السؤال المهم هنا : ” هل يمكن كبح جماح الشيخوخة المتسارعة ؟ ” ، يجيب الباحثون عن هذا السؤال بنعم نسبيّة، إذ يؤكدون أن تغير نمط الحياة قد يزيد من نشاط أنزيم يسمى “تيلوميراز” ، والأخير يلعب دورا مهما في ترميم الطرفيات و تخفيف تآكلها. ، وذلك بالإضافة إن اتباع نظام حياة صحي ، كممارسة الرياضة ، والإقلاع عن التدخين ، والأكل الصحي ، كل تلك العوامل قد تلعب دور إيجابي في وقف تسارع الشيخوخة