لقد وجدت دراسة حديثة أن انخفاض مستوى السكر في الدم من الممكن أن يؤدي إلى زيادة الغضب والعدوانية بين الأزواج. وقد قال الباحثون أن معطيات بحوثهم تشير إلى أن هنالك ارتباط بين سكر الدم والقدرة على السيطرة على الذات. ولكن هنالك بعض الخبراء الذين أبدوا اعتراضهم على معطيات الدراسة
الجلكوز يعتبر أحد مصادر الطاقة في الجسم، و مستواه في الدم يصعد ويهبط خلال اليوم وفقاً لما يقوم به الجسم من عمليات التمثيل الغذائي للوجبات الغذائية التي تحتوي على الكربوهيدرات. وقد اشتبه الباحثون منذ ستينيات القرن الماضي أن انخفاض أو تأرجح مستوى السكر في الدم له دور في ازدياد عدوانية البشر. وفي دارستين منفصلتين في عام 2010 قام المختص في علم النفس براد بوشمان التابع لجامعة ولاية أوهايو، كولومبوس بمحاولة معرفة ماهية هذا الدور، أولا من خلال قياس الرغبة في الإنتقام في الأشخاص ذوي أعراض مرض السكري النوع الثاني (مرض السكري من النوع 2
هو مرض من لايستطيع الجسم من خلاله تنظيم مستوى السكر في الدم بشكل جيد)، وفي الدراسة الأخرى قام بتقديم مشروبات محلاة لأشخاص غرباء يتبارون على مهام حاسوبية. وقد وجدت كلا الدراستين أنه كلما كان مستوى السكر في الدم أعلى، كلما أصبحت معاملة الغرباء بعضهم الآخر بعدوانية أقل
بوشمان تسائل عن العلاقة بين مستوى سكر الجلكوز في الدم والعدوانية في العلاقات الرومانسية بين العشاق. ولذلك قام هو وزملائه في جامعة كينتاكي وجامعة كارولينا الشمالية بتوظيف 107 زوجاً من المتزوجين وقاموا بتزويدهم بأجهزة قياس سكر الدم و دمية فودو و 51 دبوساً، لتدوين مستويات السكر و الغضب على مدى الوقت
قام الباحثون بالطلب من الأزواج أن يداوموا على قياس مستوى السكر في دمهم كل صباح قبل تناول وجبة الإفطار، ومرة مساءً قبل الخلود للنوم، بالإضافة إلى تقييم مدى الشعور بالغضب تجاه أزواجهم في نهاية كل يوم وذلك من خلال تدوين عدد الدبابيس المغروزة في الدمية الخاصة بذلك، ومن دون علم الزوج الآخر
وبعد مرور 21 يوم تمت دعوة الأزواج إلى المعمل، وقاموا عندها بلعب لعبة حاسوبية تسمح لهم بإيذاء أزواجهم بواسطة ضجيج غير مستساغ – وكان هذا الضجيج خليط من سحك الأظافر على سبورة طباشير، صفارة إنذار سيارة الإسعاف، مثقاب طبيب الأسنان – بالحدة والمدة التي يرديها الزوج لزوجته أو العكس، كواسطة للتعبير عن استعدادهم للتصرف بعدوانية وجعل الشريك الآخر يعاني
وأوضحت نتائج التجارب التي كانت في المنزل أو في المعمل أن الأزواج ذوي معدلات السكر الأكثر إنخفاضا في فترة المساء يظهرون شيئا من الغضب والعداوة أكثر من غيرهم تجاه شركائهم، الأمر الذي تم قياسه بواسطة غرز الدبابيس في الدمى او ومن خلال استعدادهم لإزعاج أزواجهم في المختبر. وقد نشر الفريق نتائج هذه الدراسة على دورية (منشورات الأكاديمية الوطنية للعلوم)ـ
ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين كانوا يمتلكون أقل خمس وعشرين ترتيباً (الجوعى) في نسبة سكر الدم في المساء قد غرزوا دبابيس بمتوسط الضعف في الدمى مقارنة بهؤلاء االذين حصلوا على أعلى خمس وعشرين ترتيباً في نسبة سكر الدم (الشبعى)، كما إنهم اختاروا ضجيجاً أكثر أزعاجاً وأطول مدة لأزواجهم في تجربة المختبر. وقال بوشمان: “إن سكر الجلكوز يمد الدماغ بالطاقة التي يحتاجها لممارسة السيطرة الذاتية”، ولهذا فإن انخفاض مستوى الجلكوز في الدم قد يؤدي إلى العدوانية
وقال المختص في علم النفس والذي لم يكن مشتركا في البحث روي باوميستر التابع لجامعة ولاية فلوريدا في مدينة تالاهاسي: “إن هذه الدراسة مثيرة للإعجاب، إن كوننا نستطيع التحكم في أنفسنا و في اندفاعنا يعتبر واحد من أهم المكونات للعقلية البشرية، ولذلك فإن فهم السيطرة الذاتية وماذا يمدها بالطاقة يعد شيئاً في غاية الأهمية”ـ
ولكن المختص في علم النفس ديفد بينتون التابع لجامعة سوانسي في المملكة المتحدة فقد كان أقل إندهاشا بالنتائج، حيث أنه يدرس التأثيرات الغذائية على الدماغ والسلوك وعلق قائلاً وفي رسالة بالبريد الإلكتروني: “إن ذلك ليس مفاجئاً للغاية، حيث أننا وجدنا اعتماداً على دراسات سابقة أفضل أن النسبة المنخفضة لسكر الدم قد تكون أحد العوامل المؤدية إلى السلوك العدواني فقط”، وقد أشار إلى أن تناول الكحول يؤدي إلى كلا من الإنخفاض في سكر الدم والسلوك العدواني
ولكن الدراسة لم تجمع المعلومات الكافية عما كان يأكل الزوجان ويشربان. وقد قال بينتون أيضاً: “قياس رد فعل واحدة للمشاركين في أوقات مختلفة على أناس مختلفين سوف يخبرنا بالقليل”. ولا يزال بوشمان يقول: “إذا كنت تعلم أنك سوف تتحدث مع شريكك عن شيئا ما قد يؤدي إلى خلاف، لعلها ليست بالفكرة السيئة لو وضعت مشروب سكري قبل ذلك”ـ
مراجعة: فارس بوخمسين