العقل يخزن الذكريات، سواء كانت سيئة أو جيدة. ولكنها لا تبقى هناك دائما. دراسة جديدة تقترح أن التعرض لصدمة كهربائية في الدماغ بعد فترة وجيزة من تذكر ذكرى سيئة يساعد على نسيان الكثير من التفاصيل المقلقة.
هذه الدراسة هي مجرد جزء من سلسلة من الفرق البحثية التي تظهر أن الذكريات مرنة وطيّعة. هذا يعني أنها من الممكن أن تتغير أو حتى تمحى!؟
هذه الاكتشافات من الممكن أن تقود يوما إلى علاج لعدة أمراض نفسية مثل : القلق الشديد أو اضطراب ما بعد الصدمة (بي تي إس دي). هذه العلاجات من الممكن أن تكون قادرة على أن تستهدف الذكريات شديدة الإزعاج وتزيل القلق من المرضى.
42 شخص شاركوا في التجارب الخاصة بهذه الدراسة. كلهم كانوا في اكتئاب حاد. هذا المرض يجعل المريض يشعر بالحزن وفقد الأمل، وعادة ما يفقد المتعة في أمور اعتاد على الاستمتاع بها. الأطباء بدأوا يعالجون المرضى المشاركين في الدراسة عن طريق العلاج الكهربائي التشنّجي (إي سي تي)، وهو ما يبعث هزات كهربائية إلى الدماغ.العلماء يعرفون جيدا أن العلاج بالصدمات الكهربائية من الممكن أن يشوش ذاكرة المريض. ولكن الدراسة الجديدة تظهر إمكانية تحويل ذلك التأثير إلى فائدة. الأطباء وجدوا أنه من الممكن استهداف بعض الذكريات السيئة عن طريق توقيت الصدمات الكهربائية بعد فترة قصيرة من تذكرها.
يقول مارجن كورس -أحد الباحثين- “لقد بدأنا نفهم العملية نوعا ما. هي خطوة لمساعدة الناس ولكن أمامنا شوط طويل حتى نصل لنقطة علاج المرضى.”.
كل مريض مشارك في الدراسة استمع إلى قصتين مزعجتين عندما كان يشاهد مجموعة من الصور. القصة الأولى، سيارة صدمت طفل صغير وعندما وصل للمستشفى اضطر الأطباء لبتر رجليه. في القصة الثانية، تمت مهاجمة امرأة في زقاق ضيق. بعد أسبوع واحد من سماع كلا القصتان، كل مريض نظر إلى صورة واحدة تعبر عن قصة واحدة، ثم طرح الأطباء أسئلة تجبر المريض على تذكر تفاصيل تلك الصورة. علماء الأعصاب وجدوا أدلة على أن تذكر قصة بهذه الطريقة من الممكن أن يغير التفاصيل الحقيقية.
وهذا ما أراده الباحثون، فقد أرادوا تغيير تلك الذاكرة عن طريق العلاج الكهربائي التشنّجي.
مباشرةً بعد تذكر المرضى لتفاصيل إحدى القصتين، جعلهم الأطباء ينامون. وعندما كانوا في حالة اللاوعي، تعرض معظم المرضى لصدمات كهربائية في الدماغ. بعد يوم واحد، تم تقديم اختبار ذو أسئلة متعددة الاختيارات، بقصد تحفيزهم على تذكر تلك القصص المزعجة. المرضى القلائل الذين لم يتعرضوا للصدمات الكهربائية، تذكروا تفاصيل القصتين بشكل جيد. المرضى الآخرون الذين تعرضوا للعلاج استطاعوا تذكر تفاصيل قصة واحدة فقط، وهي القصة التي لم يفكروا فيها قبل نومهم وتعرضهم للعلاج الكهربائي!؟ تفاصيل القصة التي تذكروها قبل تعرضهم للصدمات الكهربائية تم نسيانها بشكل كبير، فقد وجد العلماء أن أجوبة المرضى عن تلك القصة لم تكن أكثر من مجرد تخمين من عندهم.
هذه النتائج تقترح أن العلاج بالصدمات الكهربائية من الممكن أن يزيل ذكريات تم تذكرها قبل التعرض للعلاج، ولكن يجب الانتظار ليوم واحد على الأقل حتى يتم التأكد من حصول التشويش.
عالمة أعصاب في كلية (ماونت سيناي) للطب في نيو يورك تصف الدراسة بـ”الأنيقة”. يذكر أن هذه العالمة لم تشارك في الدراسة. كما أنها تشير أنه بالرغم من أن الدراسة تبدو متفائلة إلا أن العلم يحتاج إلى الكثير من العمل لتأكيد النتائج. فمثلا تقول أنه تذكر قصة مدعمة بالصور في مختبر مختلف تماما عن تذكر قصة في العالم الحقيقي. وأيضاً الأدوية المخدرة المستخدمة لتنويم المرضى قد تكون لعبت دوراً في عملية التلاعب في الذاكرة.
مثال آخر لما يجب التحقق منه هو عدم إزالة الذكريات الجيدة التي قد يتم تذكرها قبل التعرض للصدمات الكهربائية!؟
العلاج بالصدمات الكهربائية قد لا يكون مناسباً لمجرد إزالة بعض الذكريات السيئة لأشخاص طبيعيين. ولكن ربما يكون مناسباً لأشخاص ينالون العلاج هذا لأسباب أخرى. الصدمات الكهربائية من العلاج الكهربائي التشنّجي قد تتيح لهم السيطرة على ذكرياتهم.
Very similar to the idea in the movie “Eternal Sunshine of The Spotless Mind”.