كتابة: مايكل ستير.
ترجمة: بسمة خالد حسن.
مراجعة: مشاعل الطياري.
ينبغي أن يكون تحويل الضوء إلى مادةٍ ممكناً نظرياً، ولكن عملياً فإن المثل السائد بأن “القول أسهل من الفعل” لا يفي بالغرض هنا، فلقد مضى 84 عاماً على طرح العلماء للفكرة النظرية، ويعتقد بعض الباحثون الآن أن بإمكانهم تحقيق ذلك وهم على وشك البدء في التجربة. وتسمى العملية باسم بريت-ويلر، وهي متعلقةٌ بالمعادلة الشهيرة التي تقول بأن الطاقة هي حاصل ضرب الكتلة في مربع سرعة الضوء (الطاقة = الكتلة * مربع سرعة الضوء). ولقد وصف الفيزيائيان جريجوري برييت وجون ويلر هذه العملية لأول مرةٍ في عام 1934مـ في دورية المراجعة الفيزيائية.
اقترح برييت وويلر في بحثهم أنه إذا تصادم فوتونين معاً (أي جسيمات الضوء) فسينتج عن التصادم بوزيترونٌ وإلكترونٌ، وذلك يعني بأن تكوّن الإلكترون ما هو إلّا تحوّلٌ للضوء متمثلًا في الفوتونات إلى مادةٍ وهي الإلكترونات، وذلك ليس بالأمر السهل القيام به، فقد اعتقد بريت وويلر أنه سيستحيل رصد تشكّل الزوج في التجارب المعملية، إلا أن العلماء اليوم أكثر تفاؤلاً إلى حدٍ ما، لكن العمليات التجريبية تتطلب إضافة جسيماتٍ ضخمةٍ عالية الطاقة، والتي لم يسبق رصدها في المختبر.
صمم باحثون من كلية إمبريال كوليدج لندن تجربةً في عام 2014مـ، وأدّت إلى إزالة الحاجة إلى تلك الجسيمات عالية الطاقة، وهم الآن يجرون تلك التجربة أخيراً. ويشرح الأستاذ المحاضر الفيزيائي والباحث الرئيسي ستيف روز بقوله: “ستكون التجربة تمثيلاً واضحةً لمعادلة أينشتاين الشهيرة التي تربط الطاقة والكتلة، والتي تخبرنا عن كمية الطاقة التي تُنتج عند تحويل المادة إلى طاقة”. ويضيف: “ما سنقوم به هو عكس تلك الفكرة، أي تحويل طاقة الفوتون إلى كتلة”.
تُنفذ التجربة عن طريق ما يسمى بمُصادم الفوتونات، وهو نوعٌ جديدٌ يتضمن استخدام اثنين من أشعة الليزر عالية الطاقة، وتبلغ طاقة الشعاع الأول حوالي 1000 ضعف طاقة فوتونات الضوء المرئي، بينما طاقة الآخر حوالي 1,000,000 مليون مرةٍ من طاقة فوتونات الضوء المرئي. وستُستخدم أشعة الليزر لإنتاج الفوتونات التي ستصطدم ببعض، لتُطلق الإلكترونات على لوحٍ من الذهب وتنتج حزمةٍ من الفوتونات عالية الطاقة داخل غرفةٍ مخصصةٍ.
سيُطلق بعدها شعاعٌ آخرٌ من الليزر باتجاه أنبوبٍ صغيرٍ من الذهب المُسمى بالتجويف لإنشاء حقلٍ إشعاعيٍّ حراريٍّ، وسيُوجَّه شعاع الفوتون عبر التجويف لتصطدم الفوتونات من المصدرين، وسيكون الفريق قادراً على الكشف عن البوزيترونات المشحونة من تلك التصادمات إذا نجح ذلك. ولكن سيتعين عليهم التحقق من البيانات بدقةٍ شديدةٍ للتأكد من أن البوزيترونات لم تنشأ من عملياتٍ أخرى في الخلفية، وستكون التجربة مدهشة إذا نجحت لإمكانيتها على مساعدتنا في فهم الكون بشكلٍ أفضل.
يقول الباحث ستيوارت مانجلز: “عندما اقترح جريجوري بريت وجون ويلر تلك التجربة في عام 1934مـ، استخدما نظريةً جديدةً للتفاعل بين الضوء والمادة المعروفة باسم الكهروديناميكا الكمّية، وفي حين تم التحقق من كل تنبؤات تلك النظرية معملياً، إلا أن تجربة بريت وييلر ثنائية الفوتون لم تتم بعد”. ويضيف: “إذا استطعنا إثبات ذلك الآن، فسنقوم بإعادة صنع عمليةٍ كانت مهمةً في المئة ثانية الأولى للكون، والتي تُرى في انفجارات أشعة جاما أيضاً التي تعتبر أكبر الانفجارات في الكون وأحد أعظم ألغاز الفيزياء التي لم تُحَل بعد”.
قد لا ينجح الأمر، لكن هذا أحد الأشياء الرائعة حول العلم، ففي بعض الأحيان يتعلق الأمر بتحطيم الأشياء معاً لخلق شيءٍ من الفوضى، ورؤية ما لا يعمل، ومن ثم القيام به بشكلٍ أفضل في المرة القادمة. ولا زلنا ننتظر بفارغ الصبر نتائج الدراسة، ويمكنك حالياً قراءة ورقة الفريق البحثية التي نُشرت في عام 2014مـ في دورية نايتشر للضوئيات.
المصدر (Science alert)
المصطلحات:
عملية بريت وييلر Breit-Wheeler process
جريجوري برييت Gregory Breit
جون ويلر John A. Wheeler
دورية المراجعة الفيزيائية The journal Physical Review
بوزيترون Positron
كلية إمبريال كوليدج لندن Imperial College London
مُصادم الفوتونات Photon-photon collider
التجويف Hohlraum
الكهروديناميكا الكمّية Quantum electrodynamics (QED)
- أبرز الأحداث العلمية لعام 2021 - 09/01/2022
- التطبيقات المتنوعة لتقنية الحوسبة السحابية - 14/12/2021
- تعريف الحوسبة السحابية وتأثيرها على عالم الأعمال - 30/08/2021