ترجمة: سعاد السقاف.
نحن أسوأ عدوٍّ لأنفسنا عندما يتعلق الأمر بالإصابة بالسمنة! حيث أن الجسم مبنيٌ بشكلٍ طبيعي لاستيعاب الطاقة من الطعام الذي نأكله، وتخزينه على هيئة دهونٍ لحين الاحتياج إليها، وتأتي هذه الآلية نتيجةً لملايين السنين من التطور تحت ضغط شح وفرة الغذاء. ولكن العديد منا يتمتع اليوم بالقدرة على الوصول المستمر إلى الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية، فأصبحت قدرة الجسم المثيرة للإعجاب على تحويل الطعام إلى دهون معضلةً بشكلٍ مثيرٍ للسخرية، حيث ارتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن في جميع أنحاء العالم بشكلٍ كبير، ما أدى إلى عواقب صحيةٍ وخيمةٍ للفرد والمجتمع.
إلا أن باحثو جامعة كوبنهاغن تمكنوا من إثباط قدرة الجسم على تخزين الدهون كجزءٍ من دراسةٍ جديدة، حيث عملوا على حذف إنزيم “إن إيه إم بي تي” وراثياً في الأنسجة الدهنية للفئران، ما يجعل الحيوانات مقاومةً كلياً لزيادة الوزن أو السمنة، حتى في نظامٍ غذائي عالي الدهون. وتقول المؤلفة الرئيسية للبحث وطالبة الدكتوراه في مركز مؤسسة نوفو نورديسك لأبحاث الأيض الأساسية وهي كارين نورجارد نيلسن: “أدخلنا الفئران في نظامٍ غذائيّ يُعادل أكل البرجر والبيتزا أو يزيد عليه، إلا أنه كان مستحيلاً أن يتمكنوا من توسيع أنسجتهم الدهنية، وإنّ هدفنا النهائي هو أن نتمكن من تطبيق اكتشافنا لتطوير استراتيجياتٍ علاجيةٍ جديدةٍ للأمراض الأيضية، وذلك من خلال فهم هذه الأسس الجوهرية لكيفية زيادة أوزاننا وإصابتنا بالسمنة”.
أغذيةٌ عاليةُ الدهون، والوزن نفسه
تتماشى نتائج الدراسة مع أخرى حصلنا عليها من البشر، فقد أظهرت العديد من الدراسات أن وجود كمياتٍ كبيرةٍ من إنزيم ؤفي الدم والأنسجة الدهنية في المعدة مرتبطٌ بشكلٍ كبيرٍ مع زيادة الوزن أو السمنة، ولكن هذه الدراسة تقدم أول دليلٍ على أن زيادة الوزن أو السمنة يستلزم وجود إنزيم “إن إيه إم بي تي” بشكلٍ جازمٍ، وأن نقصه في الأنسجة الدهنية يحمي من السمنة تماماً.
قارن الباحثون خلال الدراسة بين الفئران العادية والفئران التي تفتقر إلى إنزيم “إن إيه إم بي تي” في أنسجتها الدهنية، وذلك من ناحية اكتسابها للوزن عندما أُعطيت طعاماً غنياً بالدهون، أو عند اتباعها لنظامٍ غذائيٍّ صحيٍ أقل دهوناً، فلم يكن هناك اختلافٌ في وزن الجسم أو كمية الدهون بين الفئتين عند اتباع النظام الغذائي الصحي.
عندما أعطيت الفئران أغذيةً غنيةً بالدهون أصبحت مجموعة التحكم شديدة السمنة، بينما لم تكتسب الفئران التي تفتقر إلى إنزيم “إن إيه إم بي تي” وزناً أكثر مما كانت عليه عند اتباعها لنظامٍ غذائيٍّ صحيٍ، كما حافظت على سيطرةٍ أفضل على جلوكوز الدم من الفئران العادية عند تناول طعامٍ عالي الدهون.
تعارضٌ مع الرأي العام
تتحدى النتيجة النظرة العامة لإنزيم “إن إيه إم بي تي”، والذي يُنظر إليه كإنزيمٍ يجب تعزيزه لأغراض علاجيةٍ، حيث يبدو أنه يزيد من الوظائف الأيضية لكل أنسجة الجسم التي دُرست، فهناك مؤشراتٌ على أن الكبد والعضلات الهيكلية قد تستفيد من زيادة نشاط “إن إيه إم بي تي” مثلاً، كما نجده مهماً أيضاً لوظيفة الأنسجة الدهنية، وهي تخزين الدهون بكفاءةٍ لسوء الحظ. ويقول الأستاذ المشارك من مركز نوفو نورديسك للأبحاث الأيضية الأساسية والمؤلف المشارك في الدراسة وهو زاكاي غيرهارت هينز أن من المحتمل أن وجود الإنزيم في الأنسجة الدهنية شكل ميزةً غير عاديةٍ ذات يوم بالنسبة لأسلافنا، ولكن يمكن أن يُشكل عبئاً الآن في مجتمع اليوم المليء بالأطعمة الغنية بالدهون وذات الكثافة العالية بالسعرات الحرارية”.
لا يعتقد هينز أن خفض إنزيم “إن إيه إم بي تي” يُمثل استراتيجية علاجٍ قابلةً للتطبيق على البشر بالضرورة، إذ سيكون هناك خطراً كبيراً نتيجة الآثار الجانبية المحتملة في أنسجة الجسم الأخرى، إلا أنه يرى بأن هذه الدراسة قد تمهد الطريق لمزيد من البحث في كيفية ربط إنزيم “إن إيه إم بي تي” بتخزين الدهون من الطعام الذي نأكله، كما يأمل هينز تعلّم كيف نصبح بدناء أحيائياً، ليُصبح من الممكن في نهاية المطاف استهداف إحدى الآليات الأساسية في البشر لعلاج السمنة والأمراض الأيضية.
المصدر (ScienceDaily)
المصطلحات:
إن إيه إم بي تي NAMBT
السمنة Obesity
إنزيم Enzyme
مركز مؤسسة نوفو نورديسك لأبحاث الأيض الأساسية Novo Nordisk Foundation Center for Basic Metabolic Research
كارين نورجارد نيلسن Karen Nørgaard Nielsen
الأمراض الأيضية Metabolic disease
زاكاي غيرهارت هينز Zachary Gerhart-Hines
- أبرز الأحداث العلمية لعام 2021 - 09/01/2022
- التطبيقات المتنوعة لتقنية الحوسبة السحابية - 14/12/2021
- تعريف الحوسبة السحابية وتأثيرها على عالم الأعمال - 30/08/2021