كتابة: ناثان كولينز.
ترجمة: عبد الحميد شكري.
وفقاً لبحثٍ جديدٍ، يرى الأطفال الصغار الكلمات والوجوه بشكلٍ مختلفٍ عن البالغين حرفياً، فالبالغون يستطيعون فهم كلمةٍ ما بسهولةٍ عندما ينظرون إليها مباشرةً، بينما يحتاج الأطفال إلى النظر قليلاً إلى الأعلى وإلى اليسار، ويجب عليهم النظر إلى الأعلى قليلاً وإلى اليمين بالنسبة للوجوه. والأهم من ذلك هو أن هناك تغيراتٍ في دوائر الدماغ المسؤولة عن معالجة الكلمات والوجوه لم تُرصد سابقاً تُصاحب هذه الاختلافات، حسبما ذكر الباحثون في دورية نايتشر للاتصالات.
يقول طالب الدراسات العليا في برنامج الدكتوراه في علم الأعصاب بجامعة ستانفورد والمؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة وهو جيسي جوميز: “تختلف نافذة الأطفال على العالم عن الكبار”، يمكن أن تساعد دراسة هذه النافذة الباحثين على فهم كيفية تعلم الأطفال القراءة والتعرف على الوجوه، وربما تطور فهماً أفضل لعسر القراءة والتوحد أيضاً.
ألقِ نظرةً
بديهياً، يجب عليك أن تنظر إلى الشيء مباشرةً إذا كنت ترغب في إلقاء نظرةٍ جيدةٍ عليه، سواءً كان كلمةً أو وجهاً أو أي شيءٍ آخر، وهذا ما يفعله الكبار واقعاً. ففي النهاية، إن دقة أعيننا أعلى في مركز الرؤية المدعو بالنقرة، لذلك نحصل على أوضح الصور بالنظر إلى شيءٍ ما أو شخصٍ ما مباشرةً.
إلا أنه حتى في البالغين، يُعتبر هذا الوصف نوعاً من التبسيط، لأن الرؤية ليست متعلقةً بالدقة فقط. فعندما نتكلم عن التعرف على الكلمات والوجوه، فإنه يتعلق أيضاً بكيفية معالجتنا للمعلومات وتجميعها من أعيننا ومن أي جزءٍ من المجال البصريّ، وهو المجال الكامل من الأشياء التي يمكننا رؤيتها وليس المركز فقط، ولا يعرف الباحثون سوى القليل عن المعالجة البصرية عند الأطفال حالياً وكيفية تغيّر هذه المعالجة مع نمو الأطفال.
لإدراك الأمور بطريقةٍ متباعدةٍ والشروع في استكشاف كيفية تطور المعالجة البصرية مع مرور الوقت في المخ، دعا أستاذ علم النفس وعضو مركز ستانفورد بيو-إكس ومعهد ستانفورد للعلوم العصبية وهو غوميز ومستشاره كالانيت جريل-سبكتور وزملاؤه 26 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 5 و12 عاماُ، و26 شاباً تتراوح أعمارهم بين 22 و28 عاماً إلى المختبر.
وُضع كل مشاركٍ هناك في جهازٍ ماسحٍ للدماغ بالرنين المغناطيسيّ الوظيفيّ، وشاهدوا قطعةً منجرفةً تنزلق عبر أماكن مختلفةٍ على شاشةٍ دون تحريك أعينهم. ومن خلال الربط بين مكان القطعة وبين المناطق التي أضاءت على صورة الرنين المغناطيسيّ الوظيفيّ، قام الفريق بتخطيط كيفية تمثيل العالم المرئيّ على الدماغ.
في نفس المشاركين، أجرى الباحثون مسحاً مختلفاً نظر فيه المشاركون إلى صورٍ مختلفةٍ، بما في ذلك الكلمات والوجوه، لتحديد مناطق الدماغ التي تعالج الوجوه، الكلمات، وبقية الأمور. وبدمج المسحان، كشفت البيانات عن أي أجزاءٍ من مناطق المجال البصريّ للوجه والكلمة هي الأكثر حساسية، على سبيل المثال، أين كان الدماغ يتطلع في المجال البصريّ لإيجاد الكلمات.
كيف يرى الأطفال العالم
نظرت الدوائر البصرية في البالغين لكلٍ من الكلمات والوجوه إلى تلك الأشياء مباشرةً، تماماً كما توقع العلماء. لكن الوضع مختلفٌ في الأطفال، فمن ناحيةٍ تعمل دوائر الأطفال للكلمات على معالجة منطقةٍ مختلفةٍ من المجال البصريّ، وهي منطقةٌ منزاحة إلى الأسفل واليمين مقارنةً بالبالغين، وهذا يعني أن الأطفال يحتاجون إلى النظر قليلاً إلى الأعلى وإلى اليسار لمعالجة الكلمات بشكلٍ أكثر فاعليةً.
يقول غوميز أن هناك أيضاً بعض الاختلافات المثيرة بين دوائر الرؤية على الجانبين الأيسر والأيمن من الدماغ، إذ يستجيب كلا الجانبين بشكلٍ مشابهٍ للكلمات والوجوه في الأطفال، أما في مرحلة الشباب فيكون الجانب الأيسر أكثر استجابةً للكلمات، في حين أن الأيمن أكثر استجابةً للوجوه، خاصةً عندما تكون تلك الأشياء في مركز الرؤية.
يقول غوميز إن ذلك يشير إلى وجود نوعٍ من المنافسة للحالة الأساسية في منطقة الدماغ التي تعالج مركز المجال البصري، إذ يقول غوميز: “إذا استخدم كلاهما الرؤية المركزية، فقد تعتقد أنهما سيقاتلان”. ويبدو أن الحل هو أن تحصل دوائر الوجه على مساحةٍ أكبر في نصف الدماغ الأيمن، بينما تحصل دوائر الكلمة على نصف الدماغ الأيسر.
يمكن أن تساعد هذه النتائج الباحثين لفهم الاضطرابات المرتبطة بمعالجة الكلمات (مثل عسر القراءة) أو الوجوه (مثل التوحد)، ويمكن أن تساعدهم أيضاً لفهم كيفية تعلم الأطفال للقراءة أو التعرف على الوجوه، إلا أن غوميز يحذر بأننا ما زلنا بحاجةٍ للمزيد من الأبحاث قبل التوصل لأي استنتاجٍ.
يقول غوميز: “ربما هناك استراتيجيةٌ مثلى إذا عرفنا اختلافات الأطفال عن البالغين، أو قد يكون هذا هو المسار الطبيعي لتطورهم”، وقد يكون تعديل طريقة تدريس القراءة للأطفال في هذه الحالة ذو نتائج عكسية.
المصدر: (weforum)
ناثان كولينز (Nathan Collins)
دورية نايتشر للاتصالات (Nature Communications)
جيسي جوميز (Jesse Gomez)
جامعة ستانفورد (Stanford University)
كالانيت جريل-سبكتور (Kalanit Grill-Spector)
جامعة ستانفورد بيو-إكس (Stanford Bio-X)
معهد ستانفورد للعلوم العصبية (Stanford Neurosciences Institute)
ماسح دماغ الرنين المغناطيسيّ الوظيفيّ (fMRI brain scanner)
- أبرز الأحداث العلمية لعام 2021 - 09/01/2022
- التطبيقات المتنوعة لتقنية الحوسبة السحابية - 14/12/2021
- تعريف الحوسبة السحابية وتأثيرها على عالم الأعمال - 30/08/2021