ترجمة: سعاد السقاف.
وصل حارسك الشخصيّ من التلوث الآن، فلقد أصبح أول مستشعرٍ رخيصٍ لجودة الهواء وقابلٍ للارتداء متاحاً اليوم للبيع، وهو قادرٌ على مراقبة تعرّضك لأكثر ثلاثةِ ملوّثاتٍ ضرراً. ويمكن استخدام جهاز ” فلو” كمستشعرٍ محمولٍ أو تعليقه على الكراسي المتحركة، شنط اليد، والحقائب. كما يمكن شراؤه من جميع أنحاء العالم بأقل من 200 دولار.
اختبر المستشعر 100 متطوعٍ وسط لندن هذا الصيف، وتُستخدم النتائج لرسم خريطةٍ لجودة الهواء لأكثر من ألفي كيلومترٍ من أرصفة المدينة. إن شركة بلوم لابس هي التي تقف خلف تصنيع الجهاز ومقرها باريس، ويقول رئيسها التنفيذي رومين لاكومب: “نريد مساعدة الناس لأن يتحكموا بما يتنفسونه”.
يقول مستشار شركة بلوم وهو جان فرانسوا دوسين من جامعة فال دي مارن في باريس: “سيكون بلا شك الأكثر اكتمالاً”. فهناك عددٌ من الأجهزة المشابهة التي تُباع بالفعل، ولكن جهاز فلو سيكون أول مستشعرٍ يتمكن من رصد مستوى الملوّثات الثلاثة الهامة: المركبات المتطايرة، الجسيمات العالقة في الهواء، وأكاسيد النيتروجين، كما يخبرك في حال تخطّت المستويات الآمنة سواءً في الشارع أو المنزل.
ستعمل مستشعرات بلوم مع تطبيقٍ مجانيّ للهواتف المحمولة لتصنع خرائط للتلوث بنفس الطريقة التي نستطيع بها الآن مراقبة الاختناقات المرورية على هواتفنا، ولن تعتمد هذه الخرائط على قراءات المستخدمين فحسب، بل ستُدمج معلومات جودة الهواء بمعلوماتٍ أخرى، مثل تدفق الرياح ودرجة الحرارة وغيرها من المتغيرات للتنبؤ ببؤر التلوث. ويمكن أن يفيد ذلك الفئات الأكثر تعرضاً للخطر جرّاء الأجواء السيئة كالأطفال، العدّاؤون، والأشخاص الذين يعانون من الربو وأمراض القلب والأوعية الدموية، أي الذين قد تتعرض حياتهم للخطر في الأيام شديدة التلوث.
يوم البقاء في المنزل
إن إعطاء الناس معلوماتٍ دقيقةٍ عن مقدار تعرضهم للتلوث سيُغيّر من روتينهم اليومي. فقد يقرر الوالدان إبقاء أطفالهم في المنزل في الأيام شديدة التلوث مثلاً، ويسلك العدّاؤون طرقاً أخرى، أو قد يقوم الأشخاص الذين يعانون من الربو بإبقاء النوافذ مفتوحةً عند استخدام المواقد الداخلية أو الطهي.
لقد تراجعت مستويات تلوّث الهواء في عدة مدنٍ في أوروبا والولايات المتحدة نتيجة للوائح التي تحكم عوادم السيارات وتضيق على غيرها من الانبعاثات، ولكن فريدريكا بيريرا من جامعة كولومبيا في نيويورك تقول: يجب على سكان المدن أن يبقوا قلقين، “حيث لم تجد دراساتنا وغيرها التي أجراها باحثون آخرون أدلةً مقنعةً على وجود عتبةٍ للتلوث أو مستوىً آمنٍ للتعرض لملوّثات الهواء الشائعة في المدن”.
حتى وقتٍ قريب، كانت المدن تعتمد على قليلٍ من أجهزة المراقبة الثابتة لمتابعة جودة الهواء فوق المناطق المدنية الشاسعة، إلا أن ذلك قّدم القليل فقط من الفائدة للشخص العادي، لأن التلوث يختلف من حيٍّ إلى آخر بسبب تأثير الأشجار وأنماط الحركة المرورية، والهندسة المعمارية.
أدّى الاهتمام المتزايد بشأن الآثار الصحية للتلوث والوثبة المعرفية الهائلة في تقنية الاستشعار عن بعد إلى انطلاق أجهزة الاستشعار المحمولة رخيصة الثمن، ويقول دوسين: “ولكن في حين انتشر عددٌ من هذه الأجهزة على مدى السنوات القليلة الماضية، إلا أن القلة المتبقية في الأسواق ترصد نوعاً واحداً من الملوثات، ويرجع ذلك إلى قيود المساحة ومعالجة البيانات”.
خرائط التلوث بدقة الشارع
شمل التطور التقني الحديث مستشعراتِ غازٍ ذات أسلاكٍ نانويةٍ تُوضع في رقائق بجهاز فلو، وهي صغيرةٌ بما يكفي لدمج مستشعرات الملوثات الثلاثة الرئيسية في الجهاز. وجهاز فلو هو أحد الجهود المبذولة لصنع خرائط عالية الدقة للتلوث بمستوى الشوارع، ويقوم مشروع “ركوب الدراجات والتنفس” في نيويورك بربط المستشعرات القابلة للارتداء على راكبي الدراجات الذين تطوعوا لتقييم الآثار الصحية لركوب الدراجات حول شوارع المدينة.
رُكبت مستشعراتٌ صغيرةٌ محمولةٌ على طائراتٍ بدون طيار، بالوناتٍ، وحتى الحمام، وذلك لإنشاء نماذجٍ ثلاثية الأبعاد لكيفية تحرك أعمدة التلوث عبر المناطق المدنية، وذلك بهدف إعطاء الباحثين “فهماً جديداً، ومحلياً للتلوث” كما تقول ميليسا لوندن من أكليما، وأكليما هي شركة مراقبةٍ جويةٍ تعمل مع جوجل لتتبع التلوث في العديد من المجتمعات في كاليفورنيا باستخدام التجهيزات المُعدّة على سيارات جوجل ستريت فيو. وتأمل لوندن في أن تُشكّل هذه القراءات الجديدة أداةً للحكومات لتقييم تأثير المشاريع مثل خطوط الحافلات الكهربائية، ممرات الدراجات، وإضافة مساحات خضراء في المناطق المدنية المزدحمة.
يقول دوسين أن المستشعرات الصغيرة مثل فلو تكونُ أقل دقةٍ من الأجهزة التي يستخدمها العلماء/ ولكنها “أكثر من كافية لتقييم التعرّض الشخصي لتلوث الهواء”. ويأمل أن الإصدارات المستقبلية للجهاز سترصد الأوزون أيضا، وأن المستشعرات الحالية ستُشكّل ضغطًا على المسؤولين المحليين ليصبحوا أكثر جدّية فيما يتعلق بتنقية الهواء. ويضيف “المشكلة التي لدينا مع جودة الهواء هي أنها مشكلةٌ غير مرئيةٍ، لكن هذه الأجهزة تجعل غير المرئي مرئياً.”
المصدر: newscientist
فلو Flow
رومين لاكومب Romain Lacombe
شركة بلوم لابس Plume Labs
جان فرانسوا دوسين Jean-François Doussin
جامعة فال دي مارن Val-de-Marne University
المركبات المتطايرة volatile compounds
الجسيمات العالقة في الهواء airborne particulates
فريدريكا بيريرا Frederica Perera
ميليسا لوندن Melissa Lunden
أكليما Aclima
جوجل ستريت فيو Google Street View
- أبرز الأحداث العلمية لعام 2021 - 09/01/2022
- التطبيقات المتنوعة لتقنية الحوسبة السحابية - 14/12/2021
- تعريف الحوسبة السحابية وتأثيرها على عالم الأعمال - 30/08/2021