كتابة: فيونا ماكدونالد.
ترجمة: علي الحويجي.
مراجعة: عبد الحميد شكري.
إنها لحظةٌ مجيدةٌ للعلوم، فلقد رصد العلماء للمرة الأولى تشكل أشباه الجسيمات مباشرةً، وهي ظاهرةٌ غريبةٌ لوحظت في بعض المواد الصلبة، وهو أمرٌ كافح الفيزيائيون من أجله لعقودٍ. وإن هذا ليس مجرد أمراً كبيراً لعالم الفيزياء فقط، بل يعتبر إنجازاً يمكن أن يغير الطريقة التي تُبنى بها الإلكترونيات فائقة السرعة، ويمكن أيضاً أن يؤدي لتطوير معالجاتٍ كموميةٍ.
لكن ما هي أشباه الجسيمات؟ إنه مفهومٌ يُستخدم لشرح بعض الظواهر الغريبة التي تحدث للمنظومات المثيرة للعجب بدلاً من كونها جزيئاً مادياً، وخاصةً الأنظمة الكمية متعددة الأجسام أو مواد الحالة الصلبة. ومن الأمثلة على ذلك هو إلكترونٌ يتحرك عبر مادةٍ صلبةٍ. فعندما يسافر الإلكترون سيولد استقطاباً حول محيطه بسبب شحنته الكهربائية، وستتبع سحابة الاستقطاب هذه الإلكترون عبر المادة، ويشكلان مع بعضهما ما يُعرف بأشباه الجسيمات.
يشرح الباحث رودلف غريم من جامعة إنسبروك في النمسا قائلاً: “يمكنك تصور ذلك كمتزلجٍ في يومٍ مثلجٍ”. ويضيف: “حيث أن المتزلج محاطٌ بسحابةٍ من بلورات الثلج، وهم معاً يشكلان نظاماً واحداً بخصائص مختلفةً عن المتزلج بدون السحابة”.
لقد وُصفت أشباه الجسيمات وعملية تشكلها في النماذج النظرية بكثرةٍ، ولكن قياسها وملاحظتها واقعياً مباشرةً ظل تحدياً حقيقياً، وهذا ليس لأن ظاهرة أشباه الجسيمات تحدث في نطاقٍ صغيرٍ جداً فحسب، بل لأنها قصيرة الأجل جداً وبشكلٍ لا يصدق.
يقول غريم: “تستمر هذه العمليات لبضعة أوتو ثانيةٍ فقط، وهذا يجعل رصد تشكلها في زمنٍ مضبوط صعباً للغاية”. ولوضع ذلك في السياق، الأوتو ثانية الواحدة تساوي جزءاً من كوينتيليون (مليار مليار)* جزءٍ من الثانية، وهذا يعني أن الأوتو ثانية الواحدة بالنسبة لثانيةٍ واحدةٍ تعادل الثانية الواحدة بالنسبة لحوالي 31.71 مليار عامٍ، وهذا يعتبر فعلاً غايةً في السرعة.
لكن الفريق تمكّنوا من التوصل إلى طريقةٍ لإبطاء العملية قليلاً، حيث استخدموا تقنيات لمحاصرة الليزر داخل حجرةٍ فارغةٍ لصنع غازٍ كميٍّ عالي البرودة، والذي يتكون من ذرات الليثيوم وعيناتٍ صغيرةٍ من ذرات البوتاسيوم في المركز. ومن ثم استخدموا مجالاً مغناطيسياً لضبط تفاعل الجسيمات، منتجين شبيه جسيمٍ يعرف باسم بولارون فيرمي، والذي هو في الأساس عبارةٌ عن ذرات البوتاسيوم مدمجةٌ في سحابة ليثيوم.
يحدث تكوين أشباه الجسيمات هذه في مدى 100 أوتو ثانيةٍ في الأنظمة العادية، لكن وبفضل الغاز الكموميّ شديد البرودة كان الفريق قادراً على إبطاء ذلك، وشهدوا حدوث ذلك للمرة الأولى على الإطلاق. وقال غريم: “لقد قمنا بمحاكاة العمليات الفيزيائية في كثافاتٍ منخفضةٍ أكثر كثيراً. وهنا، كانت الفترة الزمنية لتكوين البولارون عدة ميكرو ثانيةٍ معدودةٍ”. والهدف الآن هو إيجاد طريقةٍ لا تقف عند مراقبة أشباه الجسيمات هذه فحسب، ولكن لقياسها في الواقع، وذلك حتى نتمكّن من تطوير أنظمة معالجاتٍ كموميةٍ ستمهد لنا الطريق للإلكترونياتٍ فائقة السرعة في المستقبل.
يقول غريم: “لقد طورنا طريقةً جديدةً لرصد ولادة البولارون افتراضياً مباشرةً”. ويضيف: “ربما يتضح في النهاية أن هذه طريقةً مثيرةً جداً لفهمٍ أفضل للخصائص الفيزيائية الكمومية للإلكترونيات فائقة السرعة”. ولقد نُشر البحث في دورية سينس.
المصدر: (sciencealert)
فيونا ماكدونالد (FIONA MACDONALD)
دورية سينس (Science)
بولارون فيرمي (Fermi polaron)
رودلف غريم (Rudolf Grimm)
جامعة إنسبروك في النمسا (University of Innsbruck in Austria)
أشباه الجسيمات (quasiparticles)
- أبرز الأحداث العلمية لعام 2021 - 09/01/2022
- التطبيقات المتنوعة لتقنية الحوسبة السحابية - 14/12/2021
- تعريف الحوسبة السحابية وتأثيرها على عالم الأعمال - 30/08/2021
شكرا.