كتابة: إليزابيث بينيسي.
ترجمة: أسامة أحمد خوجلي.
مراجعة: عبد الحميد شكري.
اصطيد الحمام الزاجل إلى أن انقرض في أمريكا الشمالية في القرن التاسع عشر الميلادي، كما تتجه المئات من الثدييات الآن لنفس المصير. وهذا هو استنتاج علماء البيئة الذين أخذوا أول إطلالةٍ على آثار الصيد على الثدييات البرية في جميع أنحاء العالم. وكما أفاد العلماء اليوم، فإن حوالي 301 نوعاً، بما فيهم 126 رئيسياً، 26 خفاشاً، و65 من ذوات الحوافر مثل الغزلان والخنازير البرية قد تكون في طريقها للخروج.
يقول عالم أحياء المحافظة في جامعة دريكسل في فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا والذي لم يشارك في العمل وهو درو كرونين أن هذا العمل “يسلط الضوء على الخسائر الكبيرة التي يسببها الصيد بالتفصيل”. ويضيف عالم الحفاظ على البيئة في جامعة مانشستر متروبوليتان في المملكة المتحدة والذي يعمل أيضاً مع مركز إندونيسيا لبحوث علم الغابات الدولية ولكنه لم يشارك مع الدراسة وهو جون فا أنه بدون حمايةٍ جديدةٍ وقويةٍ، “فهناك عددٌ كبيرٌ من الثدييات التي يُحتمل أنها ستختفي”.
كان المؤلف الرئيسيّ وليام رايبل على علمٍ بالقضية قبل بضع سنواتٍ، وذلك عندما كان يدرس الأسود التي تموت جوعاً في أفريقيا ولا تجد فريسةً تكفيها لإطعام نفسها. وكما يقول عالم البيئة من جامعة ولاية أوريغون في كورفاليس رايبل أنه اتضح فيما بعد أن الحيوانات آكلة اللحوم الكبيرة كانت تنافس البشر على لحوم الطرائد مثل الغزلان. لذا قرر هو وزملاؤه معرفة مدى حجم مشكلة صائديّ الحيوانات البشر في أجزاءٍ أخرى من العالم. حيث قام الباحثون بتمشيط القائمة الحمراء للأنواع المهددة للانقراض الأكثر حداثةً، وهي قائمةٌ نهائيةٌ للنباتات والحيوانات الأكثر عرضةً وتهديداً للانقراض في العالم. حيث ركز فريق رايبل على 1169 فقط من الثدييات البرية المصنفة على أنها “مهددةٌ”، مبيناً تلك التي كانت أكثر عرضةً للخطر من الصيد، سواءً للحصول على اللحوم، الطب، أو تجارة الحيوانات الأليفة.
يقول رايبل: “هناك الكثير من الناس الذين يعتقدون أن فقدان أو تدهور المَواطن هو التهديد الكبير للحيوانات البرية، إلا أنه يظهر هنا أن هناك خطراً كبيراً من الاستغلال المباشر من البشر”.
ذكر العلماء في دورية الجمعية الملكية للعلوم المفتوحة أن أكثر من ربع هؤلاء الـ 1169 من الثدييات البرية تواجه خطر الانقراض من الصيد، والذي يهدد أيضاً الثدييات الكبيرة على نحوٍ غير متناسبٍ. وتشمل 301 نوعاً الأكثر عرضةً للخطر من الصيد أكثر من 60٪ من جميع أنواع الثدييات البرية التي تزن أكثر من 1000 كجم، مثل وحيد القرن وفرس النهر. يقول رابيل أن تلك الحيوانات معرضةٌ بشكلٍ خاصٍ لأنها تميل إلى لكونها صاحبة أحجام سكانيةٍ أصغر وأزمنةً أطول بين الأجيال. وبينما تبلي آكلات النمل، حيوانات شبيهةٌ بالقنافذ تُدعى بالتَنْراكة، والوبر الشبيه بالأرنب حسناً، لا تفعل ذلك البايسون الهندي (أو الغور)، الدببة الكسلانة، الجِمال ذوات السنامين، والخنازير الملتحية. وتعد أكثر من ربع كل القرود والرئيسيات الأخرى مستهدفةً.
غطت التقييمات السابقة لضغوط الصيد حيواناتٍ مثل الفيلة والنمور، وتجاهلت القوارض والأنواع الأقل تلوّناً. يقول عالم الحفاظ على البيئة من جامعة أكسفورد في المملكة المتحدة والذي لم يكن يشارك في العمل وهو إي جي ميلنر جولاند: “تذكرنا هذه الدراسة أننا بحاجةٍ أيضاً إلى التفكير في الأنواع الأقل كاريزميةً وتلك الأقل رِفعةً في المستوى، وذلك من خلال معالجة القضية لجميع الثدييات”.
يقول فا أنه على الرغم من أن 301 نوعاً لا يبدو عدداً كثيراً من الأنواع، إلا أن خسارتهم ستكون ضربةً كبيرةً للنظم البيئية. وتشمل القائمة حيواناتٍ كبيرة آكلةٍ للحوم تساعد على السيطرة على سكان أكلة النباتات مثل الظباء، وإلا ستسرف في استهلاك أعشاب السافانا. كما أن العديد من الثدييات المذكورة تعد مشتتاتٍ أساسيةٍ للبذور، والبعض الآخر لا يزال يساعد في تشكيل المناظر الطبيعية عن طريق جحورها وبحثها عن الطعام.
يقول كرونين أن هذا العدد قد لا يقترب حتى من عدد الأنواع المهددة في الواقع، ففي بعض الأحيان، لا يملك كرونين والآخرون الذين يكتبون مقالات القائمة الحمراء ما يكفي من المعلومات لمعرفة ما إذا كان الصيد يُعد مشكلةً. فعلى سبيل المثال، يعلم كرونين أن سبعة أنواعٍ من القرود تُصطاد في غينيا الاستوائية، ولكن لم يتم إدراج أيٍّ منها على أنها تُصاد بشكلٍ جائرٍ على القائمة الحمراء. ولا تتضمن قائمة رايبل الفيلة، والتي تُصطاد في الغالب من أجل العاج وليس للغذاء والدواء.
كما حسب رايبل وزملاؤه نسبة مَواطن هذه الثدييات التي يُفترض أنها محميةٌ، حيث ذكروا أن نحو 10.5% فقط من نطاقات معظم الثدييات التي تُصاد بكثرةٍ تُعد مناطق محميةً. وعلاوةً على ذلك، فالصيد غالباً ما يتم بصورةٍ غير قانونيةٍ، حتى في المحميات. لذا يدعو كرونين وآخرون إلى توظيف المزيد من حراس الغابات وعقوباتٍ أشد صرامةً على الصيد غير المشروع.
مع ذلك، فإن التقليل من حد الصيد لن يكون سهلاً. فمن الصعب منع الناس في البلدان النامية من الصيد عندما يعتمدون على لحوم الطرائد من أجل البقاء، فقط كما فعلت مجتمعاتهم لآلاف السنين. وبدلاً من حظر الصيد تماماً، يدعو بعض علماء الحفاظ على البيئة إلى تطوير ممارسات الصيد المستدامة التي تركز على الأنواع الأصغر حجماً والأقل عرضةً لخطر الزوال.
إلا أن الصيادين الكفاف ليسوا الجزء الأكبر من المشكلة كما يقول فا، بل هم الصيادين التجار ذوي البنادق رفيعة المستوى والمركبات الآلية الذين بنوا تجارةً دوليةً صاخبةً ومربحةً للغاية للحوم الطرائد. ففي عام 2010مـ، واستناداً إلى حصيلةٍ من لحوم الطرائد التي ضُبطت في أمتعة مسافرٍ في مطار شارل ديغول بباريس، خلص الباحثون إلى أن خمسة أطنانٍ تصل إلى فرنسا كل أسبوعٍ.
المصدر: (sciencemag)
إليزابيث بينيسي (Elizabeth Pennisi)
جامعة دريكسل في فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا (Drexel University in Philadelphia, Pennsylvania)
درو كرونين (Drew Cronin)
عالم الحفاظ على البيئة (conservation scientist)
جامعة مانشستر متروبوليتان (Manchester Metropolitan University)
مركز اندونيسيا لبحوث علم الغابات الدولية (Indonesia’s Center for International Forestry Research)
جون فا (John Fa)
وليام رايبل (William Ripple)
جامعة ولاية أوريغون في كورفاليس (Oregon State University in Corvallis)
القائمة الحمراء للأنواع المهددة للانقراض (Red List of Threatened Species)
الجمعية الملكية للعلوم المفتوحة (Royal Society Open Science)
آكلات النمل (Anteaters)
التَنْراكة (tenrecs)
البيسون الهندي (أو الغور) (gaurs)
الدببة الكسلانة (sloth bears)
الجِمال ذوات السنامين (Bactrian camels)
الخنازير الملتحية (bearded pigs)
الرئيسيات (primates)
إي جي ميلنر جولاند (E. J. Milner-Gulland)
مطار شارل ديغول بباريس (Paris’s Charles de Gaulle Airport)
- أبرز الأحداث العلمية لعام 2021 - 09/01/2022
- التطبيقات المتنوعة لتقنية الحوسبة السحابية - 14/12/2021
- تعريف الحوسبة السحابية وتأثيرها على عالم الأعمال - 30/08/2021