كتابة: سالي آدي.
ترجمة: عبدالرحمن عمير الشهري.
إنهم إعجازيون بطريقتهم الخاصة، وحتى لو لم يحولوا الماء تماماً إلى خمرٍ، حيث يُمكن أن تقوم مصانع معالجة المياه الشخصية قريباً بإعادة تصنيع مياهنا للصرف الصحي وإنتاج الطاقة أيضاً، حيث بدأت مؤسسة الابتكار الكمبري في بوسطن اختباراتها الميدانية لما يُسمى “خلايا الوقود الميكروبية” في مركز الشؤون الحربية البحرية السطحية في ميرلاند، وتسمى هذه الخلايا بـ “بيوفولت”، ويمكنها أن تحول ٢٢٥٠ لتراً من مياه الصرف الصحي إلى مياهٍ نقيةٍ كافيةٍ لخمسة عشر شخصاً على الأقل في يومٍ واحدٍ. وليس هذا فحسب، بل إنها تقوم بإنتاج الكهرباء لتمد نفسها بالطاقة مع قليلٍ من الفائض.
هذا شيءٌ مهمٌ، حيث أن محطات المعالجة التقليدية تسرف في استهلاك الطاقة، حيث تستهلك عادةً ١٫٥ كيلوواطٍ في الساعة لكل كيلوجرامٍ يتم إزالته من الملوثات، ويصل هذا في الولايات المتحدة ما يقارب ٣٪ من مجمل الطلب على الطاقة؟ فلو كانت المحطات تزود نفسها بالطاقة ذاتياً، فإن إعادة تدوير مياه الصرف الصحي خاصتنا سيصبح أمراً مألوفاً لنا كوضع الألواح الشمسية على السطح.
تستخدم محطات المعالجة الحالية البكتيريا للمعالجة الأيضية للمواد العضوية في مياه الصرف الصحي، ويقول الرئيس التقني الكمبري جاستن بوك: “يوجد لديهم الكثير من الغذاء، لذلك يتكاثرون سريعاً”، وتشكل الميكروبات ثلث وزن البقايا التي يجب أن يتخلص منها في نهاية العملية، وتحتاج “كعكة الميكروبات” هذه إلى تعقيمٍ حراريٍ ومعالجةٍ كيميائيةٍ قبل وضعها في مكب النفايات، وهو بدوره يستخدم الكثير من الطاقة.
وصفت خلايا الوقود الميكروبية بأنها الطريق إلى الأمام. والفكرة هي أن الكيمياء الحيوية التي تستخدم في هضم الملوثات تستطيع أن تنتج الكهرباء للمساعدة في إمداد العملية بالطاقة. ولكن كان من الصعب تكبير نطاق خلايا الطاقة المستخدمة في هذا النوع خارج المعمل، حيث تستخدم “بيوفولت” سلالاتٍ من بكتيريا الـ”جيوباكتر” ومن ميكروبٍ آخر يسمى “شيوانيلا ونيدايسس” لتعالج مياه المجاري. ولخاصية مزج الكائنات الحية ميزةٌ رئيسةٌ، وهي أن البكتيريا تحرر عدداً من الإلكترونات أثناء تنفسها، لتحول كامل العدة إلى بطاريةٍ، ولهذا منفعةٌ مضافةٌ وهي إبطاء نمو البكتيريا، لذا ستملك الكهرباء ولن يكون هناك كيكةٌ ميكروبيةٌ في نهاية العملية.
تعمل عدةُ من الفرق على نسخها الخاصة من تلك الخلايا. حيث تقوم أوريانا بريتشجير في معهد كرياغ فينتر بمدينة سان دييغو في كاليفورنيا باختبار خلاياها في مزرعةٍ تديرها مدرسة سان باسكوال الثانوية في إسكنديدو القريبة، مستخدمةً إيها لمعالجة ما يقارب ٣٦٠ لتراً من مخلفات الخنازير يومياً. وإن بريتشجر في بداياتها لبناء نظامٍ تلقائيٍ كبيرٍ، والذي سيتم تفويضه في مدينة تييوانا المكسيكية نهاية هذا العام، وقالت بريتشجر: “أظن أننا سنبقى على الطريق الصحيح للتسويق طوال الثلاث إلى الخمس سنواتٍ القادمة”.
نظامها يخطو خطوةً إضافيةً للأمام مقارنةً مع “بيوفولت” والمحطات التقليدية، حيث أنه يستطيع تخليص المياه من المواد الصيدلانية مثل الأستروجينات الصناعية. وتتطلع بريتشجر الآن إلى الكشف عن آلياتٍ لإضافة مسكنات الآلام إلى القائمة. ويرى الرئيس التنفيذي للكمبري “مات سلفر” المستقبل في أن تقوم خلايا الوقود الميكروبية بأنواعها المختلفة بمعالجة الفضلات بأنواعها المختلفة، وربما تستعيد بعض البقايا النافعة. وإحدى التصاميم الأخرى للمؤسسة المسمى بـ”ايكوفولت” ينتج الميثان أثناء تصفيته لماء الصرف الذي تنتجه مصانع الجعة الكليفورنية. كما قطع استخدام طاقة تلك المصانع بنسبة ١٥٪ واستخدامها للماء بنسبة ٤٠٪.
تتمنى مؤسسة الكمبري أن يكبر نطاق “بيوفولت” لينتج أكثر من ٢٠ ألف لترٍ يومياً. ويعتقد سلفر أن خلايا الوقود الميكروبية ستعمل بالماء القابل للتصنيع ما فعلته الطاقة الشمسية وطاقة الرياح للطاقة القابلة للتجديد. ولقد ظهر هذا المقال في النسخة المطبوعة تحت عنوان “إن عندهم طاقة”.
المصدر (newscientist)
مؤسسة الابتكار الكمبري في بوسطن
خلايا الوقود الميكروبية
مركز الشؤون الحربية البحرية السطحية في ميرلاند
بيوفولت
جيوباكتر Geobacter
شيوانيلا ونيدايسس Shewanella oneidensis
أوريانا بريتشجير Orianna Bretschger
معهد كرياق فينتر بمدينة سان دييقو في كاليفورنيا J. Craig Venter Institute in San Diego, California
مدرسة سان باسكوال الثانوية San Pasqual High School
إسكنديدو Escondido
مدينة تييوانا المكسيكية Tijuana, Mexico
- أبرز الأحداث العلمية لعام 2021 - 09/01/2022
- التطبيقات المتنوعة لتقنية الحوسبة السحابية - 14/12/2021
- تعريف الحوسبة السحابية وتأثيرها على عالم الأعمال - 30/08/2021