كتابة: جوش هارالا.
ترجمة: فاطمة محمد.
مراجعة: عادل الفيفي.
قال فريقٌ من علماءِ الفلك الدوليين والذي يعمل في منظار جزر الكناري الكبير في إسبانيا أنهم شهدوا انفجار مستعرٍ أعظم عظيم الإضاءة مرتين، حيث تحول المستعر الأعظم من التوهج إلى الخفوت مرتين، وذلك على نقيض ما توقعه الباحثون بأن يحدث مرةً واحدةً.
يقول الفريق إنه من المرجح أن يكون مصدر هذا الانفجار ثنائي الوميض نجماً مغناطيسياً، وهو نجم نيوتروني سريع الدوران يتشكل بعد انهيار النجوم العملاقة. وتسلط اكتشافاتهم الضوء على هذه المستعرات العظمى عظيمة الإضاءة، مما يقرب العلماء أكثر من نموذجٍ كاملٍ لكيفية عملها.
يقول قائد الفريق من جامعة ساوثامبتون في المملكة المتحدة ماثيو سميث في بيانٍ له: “حاولنا من خلال ما لدينا من بياناتٍ تحديد ما إذا كان هذا الأمر صفةً مختصةً بهذا الجسم، أو أنها صفةٌ مشتركةٌ بين كل المستعرات العظمى عظيمة الإضاءة ولكنها لم ترصد من قبل، وهو أمرٌ ممكنٌ تماماً نظراً لطبيعة هذه الأجرام الغير متوقعة”.
المستعرات العظمى عظيمة الإضاءة أكبر كثيراً من باقي أنواع المستعرات العظمى التي يرصدها الباحثون عادةً، والتي يتم تصنيفها بناءً على كمية الضوء التي تبعثه. فعلى سبيل المثال، أحد أكثر الأنواع التي ترصد يدعى 1أ، والتي تتكون داخل الأنظمة الثنائية وتظهر عادةً ساطعةً جداً لمدة أسابيع قبل أن تحترق تماماً. من ناحيةٍ أخرى، غالباً تكون المستعرات العظمى عظيمة الإضاءة أكثر سطوعاً ويمكن أن تبقى ساطعة لمدة ٦ أشهر.
رغم ذلك، هذه ليست أول مرةٍ يتفاجئ فيها الباحثون بسبب المستعرات العظمى عظيمة الإضاءة. حيث رصد فريقٌ من علماء الفلك الذين يعملون في مرصد لاس كامباناس في تشيلي أحد أكبر المستعرات العظمى عظيمة الإضاءة التي تم تسجيلها قط في يناير (كانون الثاني)، وقد قالوا أنه كان أقوى بـ٢٠٠ مرة من أيّ مستعرٍ سُجِل من قبل. وبغض النظر عن المشهد الرائع التي تتركه في السماء، رصد الباحثون حوالي ١٢ مستعرٍ أعظم عظيم الإضاءة فقط، مما يعني عدم وجود بياناتٍ كثيرة حول كيفية عملها.
هذه الدراسة الجديدة هي الأولى التي ترصد مستعراً أعظم عظيم الإنارة من لحظة انفجاره حتى خموده، مما سمح للباحثين بمشاهدة كافة التفاصيل. يقول سميث: “المستعرات العظمى عظيمة الإضاءة أقوى بقرابة ١٠٠ مرةٍ من المستعرات العظمى من النوع 1أ، لإنها يمكن أن تبقى ساطعةً لقرابة ٦ أشهر قبل أن تخفت، بدلاً عن عدة أسابيع”.
وأضاف: “ما تمكنا من رصده هو شيءٌ جديدٌ كلياً، وهو أنه كان هناك انفجارٌ قصيرٌ أقل سطوعاً قبل الانفجار الرئيسي، والذي تمكنا من رصده لأن انخفاضاً قصيراً في منحنى الضوء تلاه، والذي إستمر لعدة أيامٍ”. ويُعرف الجسم الفلكي الذي درسه الفريق للفلكيين باسم “دي إي إس 14 إكس 3 تي أي زيد“، وهو موجودٌ على بعد ٦٤٠٠ سنةٍ ضوئيةٍ واكتُشف من قبل فلكيين يعملون على مشروع المسح للبحث عن الطاقة المظلمة في ديسمبر(كانون الأول) من عام ٢٠١٤مـ.
بعد أن حدد ذلك الفريق أن الجسيم هو مستعرٌ أعظمٌ عظيم الإضاءة، استخدم الفريق الحالي جهاز جي تي سي لمراقبة نشاطه في الـ٢٦ من يناير (كانون الثاني) ٢٠١٥مـ، ومرةً أخرى في السادس من فبراير(شباط) ٢٠١٥مـ، ليشهدوا انخفاضاً غريباً خفيفاً في السطوع ليبدو أن الاستعار حدثت مرتين، وهو حدثٌ ظن الباحثون سابقاً أن حدوثه غير ممكنٍ.
حلل الفريق البيانات التي جمعوها بنماذج الكمبيوتر لمعرفة ما إذا كانت تتفق مع ما رصدوه لدراسة هذه الظاهرة الغريبة، فخلصوا في النهاية إلى أن من المحتمل أن الإرتفاع المزدوج في السطوع نتج عن تشكل نجمٍ مغناطيسيٍ، وهو اسمٌ مهيبٌ يطلق على نجمٍ نيوترونيٍ يدور بسرعةٍ كبيرةٍ حول نفسه فيصبح ساطعاً مع نمو حجمه.
يشرح سميث قائلاً: “نعتقد أن نجماً عملاقاً أكبر من الشمس بـ٢٠٠ مرة تقريباً انهار ليكوِّن نجماً مغناطيسياً. وفي خلال هذه العملية، يحدث الانفجار الأول ليطلق في الفضاء كميةً من المادة تعادل كتلة الشمس، وهذا يؤدي إلى القمة الأولى في المنحنى. أما القمة الثانية فتحدث عندما ينهار النجم ليكوّن نجماً مغناطيسياً، وهو جسمٌ كثيفٌ جداً يدور بسرعةٍ عاليةٍ حول محوره، ويقوم بتسخين المادة المنطلقة من الانفجار الأول. وهذا التسخين هو ما يسبب القمة الثانية في منحنى السطوع”.
تسلّط اكتشافات الفريق الضوء على كيفية تكوُّن وضمور المستعرات العظمى عظيمة الإضاءة، موفرةً بذلك معطياتٍ للدراسات المستقبلية التي ستقود على ما نأمل لتكوين نموذجٍ كاملٍ للمستعرات العظمى الغريبة. ولقد تم نشر الاكتشافات الجديدة في موقع رسائل مجلة الفيزياء الفلكية
المصدر ( Science alert )
منظار جزر الكناري الكبير ( Gran Telescopio Canarias )
نجم مغناطيسي ( magnetar )
ماثيو سميث ( Mathew Smith )
جامعة ساوثامبتون ( the University of Southampton )
نظام ثنائي ( Binary system )
مستعر أعظم ( supernova )
مستعر أعظم عظيم الإضاءة ( superluminous supernova )
- أبرز الأحداث العلمية لعام 2021 - 09/01/2022
- التطبيقات المتنوعة لتقنية الحوسبة السحابية - 14/12/2021
- تعريف الحوسبة السحابية وتأثيرها على عالم الأعمال - 30/08/2021