كتابة: تشارلز تشوي.
ترجمة: حمد العيد.
مراجعة: شروق هاشم.
يقول الباحثون أنهم تمكنوا الآن من إنتاج السيراميك القويّ والخالي من العيوب بمختلف أشكاله، بما فيها الشكل الحلزوني وأقراص العسل، وذلك باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد. ويضيف العلماء أن من الممكن استخدام هذا النوع الجديد من المواد في الطائرات الفرط صوتية (أي التي تزيد سرعتها عن سرعة الصوت بخمس مرات أو أكثر) والأجهزة المجهرية.
يمتلك السيراميك العديد من الخصائص المفيدة، مثل المتانة العالية، الصلابة العالية، ومقاومة الصدأ، التآكل، ودرجة الحرارة الشديدة. إلا أن عيباً واحداً يحدّ من استخداماتٍ معينةٍ للسيراميك، وهو عدم سهولة تحويله إلى أشكالٍ معقدةٍ. فبعكس المعادن والبلاستيك، لا يمكن سكب السيراميك في قوالب بسهولةٍ أو تقشيره للحصول على الشكل المطلوب.
أحد الطرق المحتملة لإنتاج السيراميك بأشكالٍ معقدةٍ هي الطباعة ثلاثية الأبعاد. فالطابعة ثلاثية الأبعاد تعمل غالباً عن طريق تكوين طبقاتٍ من المادة، تماماً كما تقوم الطابعات المعتادة برش الحبر، إلا أن الطابعات ثلاثية الأبعاد يمكنها أن تضع أيضاً عدة طبقاتٍ فوق بعضها البعض لتكوّن أجساماً ثلاثيّة الأبعاد. ويمكن للجهاز أن يقوّيَ الجسم المطبوع باستخدام الأشعة الفوق بنفسجية، مثلاً.
إلا أن درجات الحرارة العالية للغاية التي تذوب عندها السيراميك تجعل من الصعب على الطابعات ثلاثية الأبعاد أن تقوم بصهر جُزيئات السيراميك مع بعضها البعض. كما أن تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد التي طوّرها الباحثون تعمل ببطءٍ، وتتضمن جزيئات السيراميك التي لا يمكن صهرها معاً دون أن تسفر عن بعض المسامية التي تزيد من احتمالية تصدّع السيراميك.
يقول الباحث المشارك في الدراسة توبياس تشيدلر، وهو عالم موادٍ في مختبرات إتش آر إل في مدينة ماليبو بولاية كاليفورنيا: “إن الطباعة ثلاثية الأبعاد إمكانيةً جديدةً ومهمةً جداً، ولكن حتى الآن، معظم المواد التي يمكن طباعتها ليست مواداً هندسيةً عالية الأداء”. ويضيف: “أردنا اختراع آلة طباعةٍ ثلاثية الأبعاد للسيراميك عالي المتانة، ومرتفع الحرارة”.
ابتكر تشيدلر وزملاؤه حالياً طريقةً سريعةً لطباعةٍ ثلاثية الأبعاد للسيراميك باستخدام راتنجٍ خاصٍ (مادةٌ عضويةٌ صمغيةٌ) بدلاً من استخدام البودرة. والنتيجة: أشكالٌ معقدةٌ من السيراميك القويّ والخالي من العيوب. ولقد بدأ الباحثون بوعاءٍ من الراتنج يحتوي على السيلكون والكربون والأكسجين. ثم سلّطوا أشعةً فوق بنفسجيةٍ على الراتنج، مما أدى إلى تصلّب الموضع الذي تم تسليط الضوء عليه.
يقول تشيدلر أنه في غضون 30 إلى 60 ثانيةٍ، يمكن لمادةٍ بسُمك 0.5 إلى 1 بوصة ( 1.27 إلى 2.54 سنتم) أن تتشكل، بشكل شبكةٍ أو قرص عسلٍ. وبعدها يقوم الباحثون بتسخين المواد لتتحول إلى سيراميك أوكسي كربيد السيليكون.
يقول الباحثون أن الطريقة الجديدة أسرع بمائة إلى ألف مرةٍ من تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد السابقة. وفضلاً عن ذلك، لم يرصد المجهر الإلكتروني أي وجودٍ لمساماتٍ أو خدوشٍ سطحيةٍ، والتي بطبيعة الحال تُضعف السيراميك. في الواقع، يشير العلماء إلى أن مواد كربيد السليكون هذه أقوى بعشر مراتٍ من رغوات السيراميك المتوفرة تجارياً وبكثافةٍ متماثلة.
يقول تشيدلر مخبراً لايف سينس أن الباحثون يقترحون أن السيراميك القوي والمقاوم للحرارة الذي تُنتجه هذه الطريقة الجديدة يمكن استخدامه “في نطاقٍ واسعٍ من التطبيقات، من المكونات الضخمة في المحركات النفاثة، والمركبات فرط الصوتية، إلى الأجزاء المعقدة في نظمٍ ميكانيكيةٍ كهربائيةٍ مجهريةٍ”، مثل أجهزة الاستشعار المجهرية.
يقول تشيدلر بما أن السيراميك معروفةٌ بهشاشته: “فنحن نعمل على تعزيز السيراميك عن طريق إضافة الألياف”. إلا أنه يقول أنها ستأخذ وقتاً قبل أن تُطرح في الأسواق. ويضيف تشيدلر: “نحن في مرحلة استكشافٍ. حيث سيستغرق الأمر خمسةُ أعوامٍ على الأقل ليتم تسويقها”. ولقد قام العلماء بنشر تفاصيل اكتشافاتهم في إصدار 1 يناير (كانون الثاني) من دورية ساينس.
المصدر: (LiveScience)
تشارلز تشوي (Charles Q. Choi)
الطابعة ثلاثية الأبعاد (D printer3)
توبياس تشيدلر (Tobias Schaedler)
مختبرات إتش آر إل (HRL Laboratories)
ماليبو (Malibu)
أوكسي كربيد السيليكون (silicon oxycarbide)
كربيد السليكون (silicon carbide)
لايف سينس (Live Science)
دورية ساينس (journal Science)
راتنجٍ (resin)