*ترجمة: موسى الشبيب
إن الطريقة التي تشعر بها بالألم تتأثر بمكان ارتباط مصادر الألم مع بعضها البعض، وبالتالي فإن عقد الأصابع له القدرة على تغيير ما تشعر به في إصبع واحد. وهذا ما وجده بحث جديد من جامعة كلية لندن.
استخدم البحث و الذي نشر في مجلة “الأحياء حالياً” تجربة اختلاف مسببات الألم والتي تعرف بـ(الشواء الحراري الوهمي). تعتمد الطريقة على وضع الأصابع في مياه حارة و باردة بالترتيب التالي: السبابة – حارة، الوسطى-باردة و البنصر-حارة مسببة بذلك شعورا متناقضا حيث يشعر الشخص بحرارة محرقة في إصبعه الوسطى رغم كونه في مياه باردة !
تقول انجيلا ماروتا، من معهد علوم الاعصاب الادراكية في UCL و واحدة من المسؤولين في البحث: “إن الشواء الحراري واحد من المكونات المهمة لفهمنا العلمي للألم، إذ أنها تستخدم مؤثرا محددا بدقة لإثارة مراكز الألم في الدماغ. إن هذه العملية هي مؤلمة بالطبع ولكنها لا تتسبب بأي تدمير للأنسجة.”
إن عملية الشواء الحراري تصدر إحساسا بالاحتراق بسبب التداخل بين الطرق العصبية الموصلة للأحاسيس الثلاثة إلى الدماغ: الحرارة، البرودة والألم. فلقد أدت الحرارة الموجودة في السبابة والبنصر إلى إغلاق مسار استشعار البرودة والذي كان سيعمل بشكل طبيعي في الوسطى.
وتوضح الدكتورة اليسا فيري من معهد علوم الأعصاب الادراكية في UCL والمسؤولة الأخرى في البحث: “إن البرودة في الوضع الطبيعي تؤدي إلى تخفيف الألم، لذا فإن إغلاق مسار البرودة سيؤدي إلى مضاعفة إشارات الألم. كما في الإشارات فإن السالب والسالب يؤديان إلى الموجب (نفي النفي إثبات).”.
ووضحت الدراسة بأن التداخل مبني على الترتيب المكاني للأصابع، حيث أن الوسطى لما تداخل مع السبابة فإن ذلك أدى إلى تقليل شعور الحرارة المتناقض في الإصبع الوسطى.
ولكن متى ما تم تبريد السبابة وتسخين الوسطى والبنصر فإن الشعور بالحرارة سوف يزداد.
وتتابع الدكتورة فري قائلة: “أظهرت الدراسة أن الترتيب المكاني يؤثر على الشعور بالحرارة. عندما كان الإصبع المبرد واقعا بين إصبعين ساخنين، أدى ذلك إلى الشعور بالحرارة. ولما نحينا الإصبع البارد إلى الخارج فإن الشعور بالحرارة قل. ولذا يبدوا أن الدماغ يستخدم الترتيب المكاني للمستقبلات الثلاثة لإيجاد الشعور بالإحراق في إصبعٍ واحد فقط.”
يقول البروفيسور باتريك هاقرد من معهد علوم الأعصاب الادراكية في UCL : “إن مثل هذا التداخل قد يؤدي إلى تغير مذهل في الألم. إذ أن الكثير من الناس يعانون من آلام مزمنة وقد يكون الألم الذي يشعر به الشخص أكثر من الألم المتوقع حصوله نتيجة تدمر الأنسجة المعينة. إن بحثنا في الواقع هو مخبري بحت، ولكنه يؤدي إلى نتائج مثيرة إذ أن نسبة الألم يمكن التحكم بها من خلال إثارة مستقبلات أخرى في الجسم وتحريك جزء من الجسم له علاقة بأجزاء أخرى. إن تغيير الترتيب المكاني لتداخل المستقبلات يؤثر في طريق ترجمة الدماغ للألم.”
المصدر: