كتابة: أندرو ستابلتون.
ترجمة: غالية الجبرتي.
تمكن علماء الفيزياء من الوصول إلى “الضوء السائل” عند درجة حرارة الغرفة لأول مرةٍ في التاريخ، مما يجعل هذا الشكل الغريب من المادة متاحاً أكثر من ذي قبل. وتسمح هذه المادة للضوء بالتدفق والجريان حول الأجسام والزوايا، وتتكوّن من مائعٍ فائقٍ ينعدم فيه الاحتكاك واللزوجة، ونوعٍ من تكاثف بوز أينشتاين الذي يوصف أحياناً بكونه الحالة الخامسة للمادة.
يتصرف الضوء العادي كموجةً وكجسيمٍ أحياناً، ويسير في خطٍ مستقيمٍ دائماً، ولهذا لا تستطيع عينيك رؤية ما وراء الأجسام أو الزوايا، ولكن بإمكان الضوء أن يتصرف كسائلٍ ايضاً ويتدفق حول الاجسام تحت ظروفٍ متطرفة. ويحظى تكاثف بوز أينشتاين باهتمام علماء الفيزياء لأن القوانين تتغير عند هذه الحالة من الفيزياء الكلاسيكية الى الفيزياء الكمّية، حيث تبدأ المادة بأخذ خصائص شبيهةٍ بالموجة أكثر، ويتشكل عند درجة حرارةٍ قريبةٍ من الصفر المطلق ويبقى لأجزاءٍ من الثانية فقط. ولكن الباحثون نشروا في دراسةٍ حديثةٍ عن تكون تكاثف بوز أينشتاين عند درجة حرارة الغرفة باستخدام مزيجٍ غريبٍ من الضوء والمادة.
يقول قائد الفريق البحثي من معهد نانوتيك لتقنية النانو في ايطاليا دانييل سانفيتو: “إن المشاهدة الاستثنائية في عملنا هي إثباتنا لإمكانية حدوث الميوعة الفائقة عند درجة حرارة الغرفة وتحت ظروفٍ معينة، باستخدام جسيماتٍ من “. ويتطلب تحضير البولاريتونات بعض المعدات الدقيقة والهندسة النانوية المعقدة.
حصر العلماء طبقةً بسُمكٍ ١٣٠ نانومتر من الجزيئات العضوية بين مرآتين شديدتا الانعكاس، وسلطوا عليها نبضةً من الليزر لمدة 35 فيمتو ثانية (1فيمتو ثانية عبارة عن مليون مليار جزء من الثانية)، يقول أحد أعضاء الفريق من كلية التقنيات المتعددة في مونتريال بكندا وهو ستيفان كيناكون: “نستطيع بهذه الطريقة أن نجمع خصائص الفوتونات مثل كتلتها الفعالة الضئيلة وسرعتها العالية بالتفاعلات القوية نتيجة وجود الالكترونات داخل الجزيئات”، وكانت النتيجة سائلاً فائقاً له بعض الخصائص الغريبة.
يخلق السائل تحت الظروف العادية تموجاتٍ ودواماتٍ عندما يتدفق، ولكن هذا لا ينطبق على المائع الفائق، وكما تشاهدون في الصورة بالأسفل، فإن تدفق البولاريتونات في الظروف العادية يضطرب كموجات، وهذا مالا يحدث في المائع الفائق كما يظهر في الصورة. ويقول كيناكون: “يُقمع هذ الاضطراب حول العوائق في المائع الفائق، ما يجعل التدفق مستمراً دون توقف”.
تدفق البولارتيونات حين تواجه عائقاً في المائع العادي
(في الأعلى) وفي المائع الفائق (في الاسفل)
يذكر الباحثون أن هذه النتائج ستمهد الطريق لأجهزة البولاريتون عند درجة حرارة الغرفة لاستخدامها في التقنيات المستقبلية المتقدمة، مثل إنتاج موادٍ فائقة التوصيل للأجهزة مثل أنوار إل إي دي، الألواح الشمسية، وأجهزة الليزر، بالإضافةً إلى دراساتٍ جديدةٍ في ديناميكا الموائع الكمية. ويقول الفريق: ” في الحقيقة، إنّ ملاحظة مثل هذا التأثير عند الظروف العادية يمكن أن يستحث قدراً هائلاً من الأبحاث المستقبلية، ليس فقط لدراسة ظاهرةٍ أساسيةٍ تتعلق بتكاثف بوز أينشتاين، بل ولفهم وتصميم اجهزةٍ ضوئيةٍ مستقبليةٍ قائمةٍ على المائع الفائق يُمنع فيها الهدر تماماً، وقد يتم الكشف عن ظواهر جديدةٍ غير متوقعة”. ولقد نُشرت النتائج في دورية نايتشر الفيزياء.
المصدر (Sciencealert)
المصطلحات:
الكتله الفعالة Effective mass
المائع الفائق Superfluid
تكاثف بوز أينشتاين Bose-Einstein condensate
البولاريتونات Polaritons
معهد نانوتك لتقنية النانو CNR NANOTEC Institute of Nanotechnology
دانييل سانفيتو Daniele Sanvitto
كلية التقنيات المتعددة École Polytechnique
ستيفان كيناكون Stéphane Kéna-Cohen
الميوعة الفائقة Superfluidity
ديناميكا الموائع الكمية Quantum hydrodynamics
- أبرز الأحداث العلمية لعام 2021 - 09/01/2022
- التطبيقات المتنوعة لتقنية الحوسبة السحابية - 14/12/2021
- تعريف الحوسبة السحابية وتأثيرها على عالم الأعمال - 30/08/2021