كتابة: لورا باركر.
ترجمة: سلمى سلمان.
مراجعة: سلمى الحبشي.
بدأ الإنتاج الضخم للبلاستيك قبل ستة عقودٍ فقط، وتسارع في الآونة الأخيرة بوتيرةٍ كبيرةٍ، حيث بلغ ما تم إنتاجه 8.3 مليار طنٍ متريٍّ، معظمه من المنتجات التي تُستعمل مرةً واحدةً فقط وينتهي بها المطاف كنفاياتٍ، وإذا بدت الكمية غير معقولةٍ، فحتى العلماء الذين حصروا أول حصيلةٍ في العالم شعروا بالرعب، وذلك بسبب الحجم الهائل لإنتاج البلاستيك، التخلص منه، حرقه، أو وضعه في مدافن القمامة.
تقول مهندسة البيئة بجامعة جورجيا والمتخصصة في دراسة نفايات البلاستيك في المحيطات، جينا جامبيك: “نُدرك جميعاً أن هناك زيادةً سريعةً وهائلةً في إنتاج البلاستيك منذ عام 1950مـ وحتى الآن، ولكن تحديد الكمّية التراكمية لجميع البلاستيك الذي تم تصنيعه أمراً صادماً للغاية واقعاً”. وتضيف: “هذا النوع من الزيادة سيخلّ بأيّ نظامٍ لم يكن على استعدادٍ لذلك، ولهذا حدث التسرب من أنظمة النفايات العالمية إلى المحيطات”.
إنّ معظم البلاستيك لا يزال موجودًا بشكلٍ ما، حيث يستغرق أكثر من 400 سنةٍ ليتحلل، ولم يُحرق منه سوى 12% فقط. ولقد بدأت الدراسةٌ قبل عامين وحاول فيها العلماء التعامل مع كميات البلاستيك الضخمة التي ينتهي بها المطاف إلى البحار، والأضرار التي تسببها للطيور، الحيوانات البحرية، والأسماك. وجرى التنبؤ بأن المحيطات ستحتوي على نفاياتٍ بلاستيكيةٍ أكثر من الأسماك بنسبة طنٍ للطن بحلول منتصف القرن، مما يجعل هذه الاحصائية واحدةً من الأكثر استشهاداً وتُمثّل صرخةً عاليةً للقيام بشيءٍ حيال ذلك.
لا يمكنك إدارة ما عجزت عن قياسه
نُشرت الدراسة يوم الأربعاء في التاسع عشر من يوليو (تموز) من عام 2017مـ في دورية تقدمات العلوم المُراجعة من النظائر، وتُعدُّ الدراسة أول تحليلٍ عالميّ لكافة المواد البلاستيكية المُنتَجة ومصيرها. ويُذكر فيها أنّ 6.3 مليار طنٍّ متريّ تحوّل إلى نفاياتٍ بلاستيكيةٍ من بين 8.3 مليار طنٍّ متريٍّ تم إنتاجه، بينما أُعيد تدوير 9% فقط من تلك المواد. وتتراكم الغالبية العظمى بما يمثل 79% في مكبات القمامة أو يتم التخلص منها في البيئة الطبيعية كنفايات، مما يعني أن المحيطات تتحول في مرحلةٍ ما إلى الحاوية النهائية للنفايات.
وفيما إذا استمر التوجه السائد الحالي فسيكون هناك 12 مليار طنٍّ متريٍّ من البلاستيك في مكبات النفايات بحلول عام 2050مـ، وهذه الكمية أثقل بـ 35000 مرة من مبنى إمباير ستيت.
يُشير الباحث الرئيسي للدراسة رولاند جيير إلى أن محاولة فريقه من العلماء إنشاء قاعدةٍ لتحسين إدارة المنتجات البلاستيكية، ويقول: “لا يمكنك إدارة ما عجزت عن قياسه، فنحن لا نصنع الكثير فقط، وإنما نصنع المزيد عاماً بعد عام”. ووجدت الدراسة بأن نصف الراتنجات الصمغية والألياف المستخدمة في البلاستيك أُنتجت خلال الثلاثة عشر عاماً الماضية، وتنتج الصين وحدها 28% من الإنتاج العالمي للراتنجات، و68% من البوليستر بولى أميد وألياف الأكريليك.
درس جيير مختلف أنواع المعادن وكيفية استخدامها وإدارتها، وهو مهندسٌ مُدربٌ ومتخصصٌ في البيئة الصناعية كأستاذٍ محاضرٍ في جامعة كاليفورنيا بمدينة سانتا باربرا، وأشارت دراسته إلى زيادة سرعة تصنيع البلاستيك نسبةً إلى كلّ المواد الأخرى المُصنعة بواسطة الإنسان، إذ أنه يتضاعف كل 15 سنةٍ تقريباً، كما أن البلاستيك على النقيض من كل المواد الأخرى، حيث يُستخدم نصف الفولاذ المُنتج في البناء، ويمتلك مدة نصف حياةٍ تمتد لعقودٍ على سبيل المثال، بينما يتحول نصف ناتج البلاستيك إلى نفاياتٍ في أقلّ من عام. وترجع الزيادة في إنتاج البلاستيك إلى زيادة استخدام مواد التعبئة والتغليف البلاستيكية، والتي تمثل أكثر من 40% من البلاستيك الخالي من الألياف.
فرز النفايات البلاستيكية في أنحاء العالم
أجرى الفريق نفسه بقيادة جامبيك أول دراسةٍ لتقدير كمية النفايات البلاستيكية التي تتدفق إلى المحيطات سنوياً، ونُشر البحث عام 2015مـ، مُقدّراً أن ثمانية ملايين طنٍّ متريٍّ من البلاستيك ينتهي بها الأمر في المحيطات سنوياً، ما يعادل خمسة أكياس بقالةٍ من النفايات البلاستيكية لكل قدمٍ من الخط الساحلي حول العالم.
تقول جامبيك: “لم نكن على وعيٍ بالآثار المترتبة على البلاستيك الذي انتهى به الأمر في بيئتنا حتى أصبح موجوداً هناك بالفعل، فلدينا وضعٌ ينبغي تداركه الآن”. وتشير جامبيك إلى أن السيطرة على النفايات البلاستيكية أصبحت الآن مهمةً كبيرةً تدعو إلى اتباع نهجٍ شاملٍ وعالميٍّ يقوم على إعادة النظر في كيمياء البلاستيك، تصميم المنتجات، استراتيجيات إعادة التدوير، واستخدام المستهلك.
تقول الدراسة بثبات نسبة إعادة تدوير البلاستيك في الولايات المتحدة عند 9% منذ عام 2012مـ، وهي بذلك تحتل المرتبة الثالثة بعد أوروبا (30%) والصين (25 %). ويضيف جيير: “نحن بحاجة إلى النظر كمجتمع فيما إذا كان الحصول على بيئةٍ نظيفةٍ وصحيةٍ يُعد أمراً يستحق المقايضة ببعض الراحة”. ويضيف: ” ربما علينا التفكير في استخدام موادٍ مختلفةٍ عن تلك التي تسبب مشاكلاً كبيرةً في البيئة، أو التخلص منها تدريجياً”.
المصدر(NATIONALGEOGRAPHIC)
المصطلحات
دورية تقدمات العلوم Science Advances Journal
جينا جامبيك Jenna Jambeck
إمباير ستيت Empire State
رولاند جيير Roland Geyer
الراتنجات resins
البوليستر بولى أميد polyester polyamide
ألياف الأكريليك acrylic fibers
- أبرز الأحداث العلمية لعام 2021 - 09/01/2022
- التطبيقات المتنوعة لتقنية الحوسبة السحابية - 14/12/2021
- تعريف الحوسبة السحابية وتأثيرها على عالم الأعمال - 30/08/2021