كتابة: لورا جيجيل.
ترجمة: محمد حبشي.
مراجعة: مشاعل الطياري.
نمتاز كأبناءٍ لكوكب الأرض بفرصة الاندهاش والتعجب من الكسوف الكليّ للشمس، تلك الأحداث السماوية المبهرة التي يحجب فيها القمر ضوء الشمس ويمنعه من الوصول إلى كوكبنا، ولكن هل الأرض هي العالم الوحيد في مجموعتنا الشمسية الذي يشهد هذه الظاهرة المذهلة؟
الإجابة هي لا، حيث أخبر الفلكيون مجلة لايف سينس أن الكسوف الكلي للشمس ممكن الحدوث في الكواكب الأخرى أيضاً، طالما أن لهذه الكواكب أقمارٌ بحجمٍ كبيرٍ كفايةً لحجب أو تغطية قرص الشمس عن الكوكب، وأنها تدور حول الكوكب في نفس مستوى دوران الكوكب حول الشمس.
يحدث الكسوف الكلي للشمس عندما يكون يصطف كوكبٌ، قمره، والشمس في نفس المستوى، وعندما يمر قمرٌ كبير الحجم بين الكوكب والشمس فإنه يحجب ضوأها ويمنعه من الوصول إلى الكوكب.
تقول زميلة ما بعد الدكتوراه في جامعة كولومبيا البريطانية بكندا وهي كريستا فان لارهوفن: “إن أول شيءٍ ستحتاجه للحصول على كسوفٍ شمسيٍّ هو القمر”. وأضافت: “يستبعد هذا كسوف الشمس في كوكبي عطارد والزهرة”، حيث أنها كواكبٌ بلا أقمارٍ.
تقول فان لارهوفن أن للمريخ قمران وهما فوبوس وديموس، ولكنهما صغيرين جداً لخلق كسوفٍ كليٍّ يمكن رؤيته من على سطح الكوكب الأحمر. بدلاً من ذلك، يمكن لهذين القمرين خلق كسوفٍ جزئيٍّ يمكن مشاهدته بواسطة أي حياةٍ محتملةٍ (أو جوالة المريخ) من على سطح الكوكب.
كتب الفلكيّ ماتيجا كوك على مدونة “اسأل فلكياً” التابعة لجامعة كورنيل: “يعد المنظر من على هذه الأقمار الصغيرة مثيراً أكثر؛ حيث يرون المريخ وهو يكسف الشمس في كثيرٍ من الأحيان، وخلال بعض المواسم يحدث ذلك كل يومٍ”.
أضاف كوك أنه يمكن أن يكون للعمالقة الغازية، أي المشتري، نبتون، زحل وأورانوس، كسوفٌ شمسيٌ كليٌّ، إذ يمتلكون أقماراً ضخمةً وتبدو الشمس صغيرةً بالنسبة لها، ولكن من غير الممكن الوقوف على سطحها ورؤية كسوفها الشمسي الكليّ لأن هذه الكواكب مكونةً من الغازات.
لكن إن كان لديك سفينةً فضائيةً مميزةً يمكنها أن تحوم بالقرب من العمالقة الغازية الدوارة، فيمكنك الحصول على لمحةٍ جيدةٍ للكسوف الشمسيّ الذي يحدث لها. فللمشترى ما يصل إلى 67 قمراً بما فيهم غانيميد، وهو أكبر قمرٍ في المجموعة الشمسية. وقال كلٌ من كوك وفان لارهوفن أنه يمكن أن يكون للمشتري كسوفٌ شمسيٌّ بسبب أن أقماره تدور في نفس مستوى دوران الكوكب حول الشمس. ويقول علماء الفلك أنه إن كان باستطاعتك الهبوط على أحد أقمار المشتري فستتمكن من رؤية الكسوف الذي يتسبب به قمرٌ آخر للكوكب.
لكن ماذا عن الكواكب القزمة مثل بلوتو؟ تقول فان لارهوفن: “يُعد شاورن (وهو أكبر أقمار بلوتو) كبيراً وقريباً بما فيه الكفاية لبلوتو لإحداث كسوفٍ شمسيٍ كليٍّ”، وكتب كوك أن الجانب نفسه لكلٍ من بلوتو وشارون مواجهين لبعضهما البعض، ما يعني “أن جانباً واحداً فقط من كلٍّ من بلوتو وشارون سيشهدان الكسوف”.
إن القمر مناسبٌ جداً لصنع كسوفٍ على الأرض، حيث يمتلك الحجم الصحيح كما يبدو من خلال رؤيتنا له من على الأرض، أي أن له نفس حجم الجزء الظاهر من الشمس أو أكبر. وتقول لارهوفن: “هذا يعني أنه عندما يمر القمر أمام الشمس فإن الغلاف الضوئيّ (وهي القشرة الخارجية المضيئة للشمس) ستُغطى، لكن الإكليل (وهو الغلاف الجوي العلوي للشمس) يظل مرئياً”.
أشارت لارهوفن إلى أن القمر يتحرك ببطءٍ مبتعداً عن كوكبنا، ما يعني أن حجم القمر الظاهر سيكون أصغر من أن يغطي الشمس تماماً في المستقبل البعيد، على الأقل من منظور الأرض. وقالت لارهوفن أن هذا يعني أن القمر لن يكون قادراً على خلق كسوفٍ كليٍّ يوماً ما، وإنما سيسبب كسوفاً حلقياً فقط، حيث تضل “حلقةٌ” من الشمس مرئيةً. ويتوقع الخبراء أن الأرض ستشهد آخر كسوفٍ كليٍّ للشمس بعد 600 مليون سنةٍ من الآن.
حالياً، ما زال القمر في موقعٍ يمكّنه من التسبب في كسوفٍ شمسيٍ كليّ. وتقول لارهوفن: “السبب في عدم حصولنا على كسوفٍ كليٍّ للشمس كل شهرٍ هو أن المستوى المداري للقمر غير مصطف بقليلٍ عن المستوى المداري للأرض حول الشمس”. وتضيف: “عدم الاصطفاف هذا يقلل من فرص حدوث الكسوف الشمسي،. وستشهد الكسوف الشمسيّ فقط إذا اصطفت هذه المدارات”.
المصدر: (livescience)
لورا جيجيل (Laura Geggel)
جامعة كولومبيا البريطانية (University of British Columbia)
كريستا فان لارهوفن (Christa Van Laerhoven)
فوبوس (Phobos)
ديموس (Deimos)
ماتيجا كوك (Matija Cuk)
جامعة كورنيل (Cornell University)
غانيميد (Ganymede)
شاورن (Charon)
- أبرز الأحداث العلمية لعام 2021 - 09/01/2022
- التطبيقات المتنوعة لتقنية الحوسبة السحابية - 14/12/2021
- تعريف الحوسبة السحابية وتأثيرها على عالم الأعمال - 30/08/2021