النظر في التعقيد
تمتلئ الحياة بالتعقيدات الكبيرة، كالأجنحة الهوائية، الأعضاء المتعددة الأجزاء كالأعين، والسبل الكيميائية المستعصية. وقام كلٌّ من المؤيدين والمعارضين للتطور بمن فيهم داروين بطرح سؤالٍ عند مواجهة تعقيدٍ كهذا: كيف يمكنها أن تتطور؟
لا يقوم العلم بكنس أسئلةً صعبةً كهذه تحت البساط، بل يهتم بها كمجالٍ مثيرٍ للبحث. حيث تكمن الصعوبة كالتالي: من المرجح أن معظم هذه السمات المعقدة تطورت في خطواتٍ صغيرةٍ عبر الانتخاب الطبيعيّ بما أنها تبدو تكيفيةً. أي أنه من الواجب أن الأشكال الوسيطة للتكيف تطورت قبل أن يصل التطور إلى مرحلة الجناح الكامل تماماً، السبل الكيميائية، أو العين. ولكن ما هي فائدة نصف جناحٍ أو بضعة عناصرٍ من مقلة العين فقط؟ فقد لا تبدو الأشكال الوسيطة لهذه التكيفات تكيفيةً، إذاً كيف يمكن أن يُنتجها الانتخاب الطبيعيّ؟
هناك عدة طرقٍ يمكن لمستجداتٍ معقدةٍ كهذه أن تتطور بها:
التكيفات المعقدة: أجنحة الطير، أجنحة الحشرة، أعين الفقاري، وأعين الحشرة. |
- الوسطاء المفيدين: من الممكن أن تكون هذه المراحل المتوسطة مفيدةً وإن لم يكن ذلك بطريقةٍ واضحةٍ. ما هي فائدة "نصف عينٍ؟" فعينٌ بدائيةٌ بمكوناتٍ قليلةٍ من العين المعقدة يمكنها الشعور بالضوء والظلام، كما تفعل بقعة العين على الديدان المسطحة البسيطة. ربما تكون هذه القدرة مفيدةً للكائن الحي الذي لا يمكلك رؤيةً على الإطلاق، وربما تطورت من خلال الانتخاب الطبيعيّ.
دودةٌ مسطحةٌ مستورقةُ لها بقعة العين الحساسة للضوء. |
- الانتخاب المشترك: ربما خدمت المراحل المتوسطة لميزةٍ معقدةٍ هدفاً مختلفاً بدلاً من الهدف الذي يخدمه التكيف المكتمل. ما هي فائدة "نصف جناحٍ؟" فحتى لو لم تكن جيدةً للطيران، فربما تكون جيدةً لشيءٍ آخر. حيث يُحتمل أن تطور الريش الأولي لم يكن متعلقاً بالطيران، وكل ما عليها القيام به هو الاستعراض أو العزل. فالانتخاب الطبيعيّ يعد لصاً ممتازاً، فهو يأخذ الميزات التي تطورت في سياقٍ واحدٍ ويستخدمها لوظائف جديدةٍ.