كتابة: ماثيو موندر.
ترجمة: علي فؤاد الحواج.
مراجعة: عبدالله جواد الشواف.
يستطيع السيتوبلازم في الظروف الصعبة أن يتصلب ويحمي الخلية من الموت.
تكون الخلايا ديناميكية ونشطة جداً في الوضع الطبيعي: حيث تحدث في جوفها السائل المدعو بالسيتوبلازم عمليات أيضٍ لا تحصى وبالتوازي، وتهتز البروتينات والمركبات بعنفٍ. ولكن في حال لم تحصل هذه الخلايا على الغذاء اللازم فإن مستوى طاقتها ينخفض، الأمر الذي يؤدي إلى اخفاضٍ ملحوظٍ في الأس الهيدروجيني في السيتوبلازم، أيّ أن الحامضية تزيد. واستجابةً لذلك، تدخل الخلايا في نوعٍ من وضع الاستعداد ليمكنّها من البقاء. حيث وجد فريقٌ من الباحثين من دريسدن في ألمانيا أن سيتوبلازم هذه الخلايا الأشبه بالميتة تغيّر كثافتها من الحالة السائلة إلى الصلبة، لتتم بذلك حماية مركباتها الخلوية الحساسة بداخلها.
من الممكن أن تدخل الخلايا في نوعٍ وضع الاستعداد يدعى بالسبات، وذلك عندما تمر بظروفٍ صعبةٍ كالشح الغذائيّ. في هذه الحالة، يمكن للخلايا أن تقلص الأيض جذرياً وتوقف النمو والانقسام الخلويّ. ويكاد لا يمكن تمييز هذه الخلايا عن الخلايا الميتة في الظروف القصوى، ولكن بإمكانها رغم ذلك أن تظهر من هذه الحالة من دون أذىً لاستكمال النمو والانقسام عندما تتحسن الظروف في البيئة المحيطة.
أراد كلٌّ من موندر وزملائه من دريسدن في ألمانيا تحت إشراف سيمون ألبيرتي فهم كيفية تُشغيل الخلايا وضع السبات واطفائه. حيث ركزوا جهودهم على خلايا الخميرة بمراقبتهم لها أثناء الجوع. وكانت ملاحظتهم: أن السيتوبلازم يفقد ديناميكيته، حيث تتباطأ العضويات الخلوية والمركبات، وتُشكّل العديد من البروتينات مركباتٍ كبيرةً ظاهرةً مجهرياً. يبدو الأمر وكأن السيتوبلازم يغير من كثافتها كاستجابةٍ لشح الغذاء. وفعلاً: فإن نظرةً أقرب باستخدام طرقٍ حيوفيزيائيةٍ حساسةٍ جداً توضح بأن حالة مادة السيتوبلازم السائلة تتغير من السائل إلى الصلب، حيث تدخل الخلايا في حالةٍ مشابهةٍ للتخشب بعد الموت. وكما اتضح فيما بعد، فإن الأس الهيدروجيني للسيتوبلازم الذي يقل بشدةٍ في حالات الجوع يلعب دوراً أساسياً في هذه العملية.
من الملفت للنظر أن من الممكن للخلايا النائمة أن تعكس هذه العملية بخلاف الخلايا الميتة. فعندما أُعيد وضع الغذاء ارتفع الأس الهيدروجينيّ مجدداً، تميع السيتوبلازم، واستأنفت الخلية النمو والانقسام. حيث أوضحت دراسات موندر وزملائه أن حالة السيتوبلازم مهمةٌ في تشغيل وإطفاء وضع الاستعداد: “يبدو أن للخلايا آلية تحكمٍ، بحيث تستعملها في ضبط خواص موادها استجابةً لتغييراتٍ بيئيةٍ محددةٍ، وبذلك تُؤّمن نجاتها”. وبالتالي، يبدو أنه من الممكن خداع الموت بإطفاء جميع العمليات الحيوية بنحوٍ مُحكمٍ. وإذا ما كان بالإمكان تعليم الخلايا البشرية هذه الحيلة، فإن الأمر سيتضح في غضون السنتين القادمتين.
المصدر: (eurekalert)
ماثيو موندر (Matthias Munder)
السيتوبلازم (cytoplasm)
الأس الهيدروجيني (pH)
دريسدن (Dresden)
سيمون ألبيرتي (Simon Alberti)
- أبرز الأحداث العلمية لعام 2021 - 09/01/2022
- التطبيقات المتنوعة لتقنية الحوسبة السحابية - 14/12/2021
- تعريف الحوسبة السحابية وتأثيرها على عالم الأعمال - 30/08/2021